إنّ أوّل سؤال یمکن أن یطرح على المادیین هو: إذا کانت خواص المخ «الفیزیاکیمیائیة» نفس الأفکار والظواهر الروحیة فینبغی أن لا یکون هناک «فرق مهم» بین عمل المخ وبین عمل المعدة أو الکلیة أو الکبد مثلا، لأنّ عمل المعدة «مثلا» یتمثل فی مجموعة من النشاطات الفیزیائیة والکیمیائیة، فالمعدة بواسطة حرکاتها الخاصة وضخ الافرازات الحامضیة تهضم الغذاء وتعدّه لعملیة الامتصاص، وهکذا الحال فی واجبات اللعاب الذی تقدم ذکره فهی مرکزٌ من أعمال فیزیائیة واُخرى کیمیائیة، لکننا نرى بالوجدان بأنّ أعمال الروح تختلف عن جمیع هذه الأعمال.
فجمیع أعمال أجهزة الجسم لها شبه ببعضها البعض إلاّ «المخ» فهو لا یشبه فی أفعاله أیّ واحدة من تلک الأجهزة لأنّ أجهزة الجسم ترتبط بالامور الداخلیة للجسم بینما ترتبط الظواهر الروحیة بالخارج أی أنّها تخبرنا عمّا هو خارج وجودنا.