تَعَرَّضَ الکثیر من الفلاسفة فی بحث المعاد لمسألة خلود الروح واعتبروها من الأدلة الحیّة فی هذا المجال.

وممّا لا شک فیه إنّ الاعتقاد ببقاء الروح یعبّد لنا طریق الوصول إلى إثبات المعاد والحیاة الآخرة، ولکنَّ هذا لایعنی أَنَّ من لا یعتقد بخلود الروح لا یمکنه الإیمان بالمعاد، بل یمکن إثبات المعاد من دون أن یکون لمسألةِ بقاء الروح أی أثر فی ذلک.

ومن المحتمل أن یکون هذا سبب عدم تأکید القرآن على مسألة بقاء الروح، وبتعبیر آخر إنّ القرآن لا یعتقد بأَنَّ هناک صلة ورابطة بین مسألة خلود الروح وبین المعاد ـ کما سنرى ـ ، ولکن لا یخفى أنّ إثبات مسألة المعاد بالاعتماد على مسألة خلود الروح تکون اوضح وایسرَ کما أنّه لا یمکن إنکار الإشارات الظریفة واللطیفة التی وردت فی مسألة خلود الروح فی القرآن المجید، لذا مِنَ المناسب أن نلقی نظرة إجمالیة على مسألة خلود الروح من دون التوغُّلِ فی أعماق هذه المسألة، لأنّ البحوث المتعلقة بالروح بحوث واسعة ولها میدان عریض وتحتاج لوحدها إلى تألیف کتاب مستقل أو عدّة کتب لبحثها بصورة مستقلّة.

نعود بعد هذه المقدمة إلى القرآن المجید ونستمع خاشعین إلى الآیات الآتیة:

1 ـ (وَلاَ تَـحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِـلُوا فِی سَبیلِ اللهِ اَمْوَاتاً بَلْ اَحْیَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ).(آل عمران / 169)

2 ـ (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ یُقْتَلُ فِی سَبیلِ اللهِ اَمْوَاتٌ بَـلْ اَحْیَـاءٌ وَلـکِنْ لاَ تَشْعُرونَ).(البقرة / 154)

3 ـ (اَلنَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْهَا غُدُوّاً وَعَشِیّاً وَیَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ اَدْخِلُوا آلَ فِرعَونَ اَشَدَّ العَذَابِ). (المؤمن / 46)

4 ـ (قُلْ یَتَوَفَّاکُمْ مَّلَکُ المَوْتِ الَّذِى وُکِّلَ بِکُمْ ثُمَّ اِلَى رَبِّکُمْ تُرْجَعُونَ). (السجدة / 11)

5 ـ (اللهُ یَتَوَفَّى الاَنْفُسَ حِینَ مَوتِهَا وَالَّتى لَمْ تَمُتْ فی مَنَامِهَا فَیُمْسِکُ الَّتِى قَضَى عَلَیْهَا الْمَوْتَ وُیُرْسِلُ الاُْخرى اِلَى اَجَل مُّسمَّىً اِنَّ فی ذلِکَ لاََیَات لِّقَوم یَتَفَکَّرُونَ)(1).(الزمر / 42)

1. هناک آیات عدیدة فی القرآن المجید تعبّر عن الموت بالتوفّی، وهذه دلالة لطیفة على مسألة خلود الروح، مثل: النساء، 97; الانعام، 61; النحل، 27 و32 و 70; یونس، 46; الرعد، 40; غافر، 67 و 77; الانفال، 50; الاعراف، 37; الحج، 5.