ورد محتوى هذه القصة فی سورة الکهف خلال أربع عشرة آیة، وجاء فی بعضها:

(وَکَذلِکَ اَعْثَرْنَ عَلَیْهِمْ لِیَعْلَمُو أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَرَیْبَ فِیَها). (الکهف/21)

نستفید بوضوح من هذا التعبیر بأنّ أحد الأهداف المتوخّاة من هذا السبات العجیب والطویل الذی له شبه کبیر بالموت هو أنّ هذه الحادثة تعتبر درساً لجاحدی المعاد أو للذین ینتابهم الشک والتردید فی هذا المجال.

ویعین على ذلک بالخصوص مااستنبطوه من جملة: (اِذْ یَتَنَازَعُونَ بَیْنَهُمْ أَمْرَهُمْ)، من أنّ الناس اختلفوا فی ذلک الزمان فی مسألة المعاد (المعاد الجسمانی) فالمخالفون کانوا یسعون لمحو آثار قصة أصحاب الکهف کی یسلبوا هذا البرهان القاطع من أیدی المؤمنین بالمعاد (لقد احتملوا فی تفسیر هذه الجملة احتمالات جمّة، وماقلناه هو أحد هذه الاحتمالات).

وقد ذکر الفخر الرازی فی تفسیره خمس احتمالات اُخرى فی تفسیر هذه العبارة، منها الاختلاف فی عدد أصحاب الکهف، ومنها الاختلاف فی أسمائهم أو فی مدّة نومهم وفی مسألة المعبد الذی شُیّد بالقرب من الغار هل کان على غرار معابد المشرکین أو معابد الموحّدین(1).

فالآیات الواردة فی هذه السورة من القرآن صرحت بوضوح بأنّ مدّة نومهم امتدّت إلى ثلاثمائة وتسع سنین: (وَلَبِثُوا فِی کَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِائَة سِنِیْنَ وَازْدَادُوا تِسْعاً). (الکهف / 25)

إنّ نوماً عمیقاً کهذا یشبه الموت، والنهوض بعده أشبه بالحیاة بعد الموت بلا شک، لذا فهو یصلح أن یکون نموذجاً حیاً للمعاد من وجهة نظر التاریخ.

1. التفسیر الکبیر، ج 31، ص 105.