هذا التعبیر أیضاً من التعبیرات التربویة التی وردت مرّة واحدة فی القرآن المجید، قال تعالى: (یَوْمَ یَتَذَکَّرُ الاِْنْسَانُ مَا سَعَى). (النازعات / 35)
هذا التذکّر والانتباه إمّا أن یحصل بسبب مشاهدة صحیفة الأعمال، وإمّا بسبب تجسم الأعمال، أو بسبب شهادة الجوارح أو الملائکة التی تشهد على الأعمال أمام الله، أو بسبب ارتفاع الحجُب عن قلب وروح الإنسان وزوال ما یسبب الغفلة والنسیان.
ولذا تبرز جمیع الحقائق المکنونة ویتذکّر الإنسان کل سعیه ومحاولاته، ولکن یاللحسرة فلا مجال أمامه لجبران الخطایا والتقصیر والغفلة.
وجاء هذا التعبیر بصورة اُخرى فی الآیة (وَجِیءَ یَوْمَئِذ بِجَهَنَّمَ یَوْمَئِذ یَتَذَکَّرُ الاِْنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّکْرَى)، ثم یضیف إلى ذلک: (یَقُولُ یَاَلَیْتَنِى قَدَّمْتُ لِحَیَاتِى). (الفجر / 23)
إنّه أسف وحسرة لا فائدة منها هناک أبداً سوى مضاعفة المعاناة والألم.
وکلمة «لحیاتی» تثیر الانتباه، وهی تدل على أنّ الحیاة الحقیقیة هی الحیاة الآخرة، وأنّ الحیاة الدنیا لا تستحق حتى اطلاق اسم الحیاة علیها، وعلى حد تعبیر القرآن ماهی إلاّ لهو ولعب.
والهدف هو انذار سائر بنی الإنسان بأن یستفیدوا من الفرصة المتاحة أمامهم قبل الابتلاء بمثل هذا البلاء فالتذکّر فی ذلک الیوم لا ینفع مثقال ذرّة.