وقد ذکر المادیون عدّة أدلة لإثبات زعمهم بأنّ الروح والفکر وسائر الظواهر الروحیة الاُخرى إنّما هی اُمور مادّیة،: أی أنّها من الخواص الفیزیائیة والکیمیائیة للخلایا العصبیة وخلایا المخ، وهی کما یلى:
1 ـ «نحن نرى بوضوح أنّ مجموعة من الآثار الروحیة تعطّل بمجرّد أصابه قسم من المخ أو مجموعة من الخلایا العصبیة»(1).
فمثلا شوهد عند قطع قسم معین من مخ الطیر ـ کما أثبتت التجربة ـ أنّ هذا الحیوان لا یموت بل یفقد قسماً کبیراً من معلوماته، فعندما یوضع الغذاء فی فمه فإنّه یبلع الغذاء ویهضمه ولکن عندما توضع الحبوب أمامه فإنّه لا یتناولها ولا یهتم لها ویظل على هذا الحال حتى یموت جوعاً!.
وکذلک الحال عند عطب قسم من خلایا المخ عقب اصابتة بضربة أو مرض معین، والإنسان یفقد قسماً من ذاکرته بفعل هذه الأسباب.
فقد ذکرت احدى الصحف أنّ شاباً معلماً فقد ذاکرته إثر ضربة شدیدة اصابت دماغه فی حادثة اصطدام، وأصبح لا یعرف أحداً من أقربائه حتى أنّه لم یعرف امّه واخته! وعندما أخذوه إلى الدار التی ولد وترعرع فیها لم یُبد أی انفعال وأنکر أن یکون قد رأى أو دخل هذه الدار سابقاً!
فهذه الاُمور ونظائرها تدل على أنّ هناک علاقة وثیقة بین «عمل خلایا المخ» وبین «الظواهر الروحیّة».
2 ـ «عندما یفکّر الإنسان تحدث تغییرات مادّیة على سطح الدماغ، حیث یفرز فسفوراً أکثر ممّا یفرزه فی حالة عدم التفکیر، ویحتاج بذلک إلى غذاء أکثر، وعندما ینام الإنسان ولا یمارس الذهن عملیة التفکیر فإنّه یحتاج إلى غذاء أقل، وهذا دلیل واضح على أنّ آثار الفکر مادّیة»(2).
3 ـ أثبتت التجارب أنّ وزن المخ عند المفکرین غالباً ما یکون أکثر من الحدّ المتوسط لوزن المخ عند الآخرین (الحد المتوسط لوزن المخ عند الرجال 1400 غرام تقریباً، والحدّ المتوسط عند النساء أقل من ذلک) وهذا دلیل آخر على کون الروح مادّیة.
4 ـ إذا کان التفکیر والظواهر الروحیة دلیلا على وجود روح مستقلة فهذا یعنی أنّ الحیوانات لها روح مستقلة کذلک، لأنّ الحیوانات لها إدراک محدود أیضاً!.
وخلاصة القول فی رأی هؤلاء إنّنا لا نشعر بوجود روح مستقلة لدینا، بالإضافة إلى أنّ علم النفس الحدیث قد أکّد على صحة هذهِ النظریة أیضاً.
ومن خلال هذه الأدلة یخرجون بالنتیجة الآتیة: إنّ تطور علم الفسلجة المستمر توصل إلى وجود علاقة وثیقة وجلیّة بین الظواهر الروحیّة وخلایا المخ.
1. البیسکولوجیا، الدکتور أرانی، ص 23.
2. بشر از نظر مادّی، الدکتور أرانی،ص 2.
