لقد شغلت هذه المعضلة أذهان الکثیرین أیضاً وهی إذا کان المعاد یتحقق بالجسم ویشمل جمیع البشر الذین وطأوا الأرض منذ ظهور الحیاة علیها حتى نهایتها فلن تسعهم مساحة سطح الأرض، وخلاصة مایمکن أن یقال: إنّنا إذا تمکنا من حل جمیع المعضلات فی مجال المعاد الجسمانی فسوف تبقى معضلة شحة المکان على قوتها، وذلک لأنّ بعض المناطق من الکرة الأرضیة تضیق حالیاً من تحمل سکانها الذین یعیشون علیها، وقد حذّر الخبراء المتخصصون من مغبّة استمرار النمو السکانی على هذا السیاق وقالوا: إنّ تزاید السکان إذا مااستمر على هذا المنوال فسوف تضیق الأرض بسکانها خلال فترة وجیزة.
وهنا یُطرح هذا السؤال: ماذا سیحدث إذا بُعث جمیع البشر السابقین واللاحقین على هذه الکرة الأرضیة؟!
فلو کان المعاد یتحقق بالروح فقط فإننا لن نواجه مثل هذه المعضلة من ناحیة المکان، لأنّ الأرواح غیر متمیزة فهی لا تحتاج إلى مکان ولا تتمیز بمکان.
الجواب:
لقد فات الذین طرحوا هذا الإشکال أنّ القرآن قد صرّح فی آیاته المختصة بالمعاد بأنّ المعاد لا یتحقق على الکرة الأرضیة بصورتها الحالیة، بل سوف تتبدّل بغیرها، قال تعالى: (یَوْمَ تُبَدَّلُ الاَْرْضُ غَیْرَ الاَرضِ وَالسَّموَاتُ). (إبراهیم/48)
وجاء فی القرآن أیضاً أنّ عَرض الجنّة یسع السماوات والأرض، قال تعالى: (سَابِقُوا اِلَى مَغْفِرَة مِّنْ رَّبِّکُمْ وَجَنَّة عَرْضُهَا کَعَرضِ السَمَاءِ وَالاَرضِ). (الحدید / 21)
یستفاد من هذه الآیات وعدد من الآیات الاُخرى أنَّ هنالک احتمالین:
وهما: إمّا أن تتسع الأرض ویصبح حجمها بحجم السماوات والأرض فتضم فیها الجّنة والنار وجمیع البشر، وإمّا أن ینتقل الناس یوم القیامة من الکرة الأرضیة إلى مکان آخر. وفی کلتا الحالتین ترتفع مشکلة شحة المکان فی مجال المعاد الجسمانی لجمیع البشر ولا تبقى هناک مشکلة فی اسکان أهل الجنّة وأهل النار... هذه المشکلة التی شغلت اذهان «ذوی اللجاج والعناد»!.
