نظراً للأهمیّة الفائقة التی أولاها القرآن الکریم للمعاد فی بعد المعارف الدینیة ومن حیث التأثیر التربوی لها فی الآخرین معاً، فإنّه خصص آیات متعددة لبیان أدلة إثبات المعاد.

وهذه الأدلة فی الواقع تنقسم إلى قسمین رئیسیین:

القسم الأول: الأدلة التی استدل بها على إثبات وقوع المعاد وإثبات وجود الحیاة بعد الموت من طرق متعددة.

القسم الثانی: الأدلة التی تُمثل فی الواقع جواباً على الإشکالات التی أوردها المخالفون، الذین یعتقدون باستحالة الحیاة بعد الموت.

وادّعوا من خلال تعبیرات مختلفة «عدم إمکان» وقوعها.

لقد طرح القرآن المجید فی مقابل ذلک مجموعة من الأدلة «العقلیة» و«الحسیة التجریبیة» واثبت لهم «إمکان المعاد الاُخروی» ودحض ادّعاءهم.

إنّ الاُسلوب الطبیعی للبحث یوجب علینا طبعاً أن نطرح أولا أدلة «إمکان » المعاد، فنبتدئ بالإنطلاق من مرحلة «الجحود المطلق» إلى مرحلة «الإمکان المطـلق»، بعد ذلک نطرح «أدلّة حتمیة» على المعاد و«أدلة إثبات الوقوع» کی نتعرف من خلال ذلک وبصورة صحیحة ومنطقیة على حقیقة المعاد ومراحله جمیعها.

والملاحظة المهمّة التی یجب أن نؤکد علیها هنا: إنّ جمیع مناظرات القرآن الکریم فی مجال إمکان المعاد جاءت لاقناع منکری المعاد الجسمانی، والقرآن الکریم یؤکدّ على مسألة إعادة «الروح» و«الجسم» معاً فی الدار الآخرة وأنّه امر ممکن بلا شک وذلک لأننا نشاهد فی هذا العالم نماذج مختلفة لمصادیق ذلک.

على أیّة حال فإنّ الطرق التی یسلکها القرآن لإثبات ذلک کثیرة جدّاً ومتنوعة ویمکن تلخیصها فی ستِّ طرق:

1 ـ آیات الخلق الأول (خلق العالم والإنسان).

2 ـ آیات شمول القدرة الإلهیّة.

3 ـ آیات احیاء الأرض.

4 ـ آیات تطور مراحل الجنین.

5 ـ آیات عودة الطاقة.

6 ـ آیات النماذج الحیّة والتأریخیة للمعاد فی هذه الدنیا.

ومن أجل التعرف على هوّیةِ المخالفین الذین یعنیهم القرآن الکریم وعلى مقصود الآیات فی ذلک یجب قبل الدخول فی البحث أن نطرح بعض الجوانبِ من منطق المخالفین الذی بینته آیات القرآن الکریم، ذلک المنطق الذی یطرحه المخالفون فی یومنا هذا أحیاناً ویؤکّدون علیه.

بعد هذا التوضیح نتوجه للبحث فی أدلة (امکان المعاد) ونتحدث أولا فی تحدید منطق المخالفین ووجهة نظرهم فیه: