السوال:
إننا نذم اتباع الدیانة الزرادشتیة أنّهم مشرکون فهل یعتبر اعتقادنا بوجود الشیطان بصفته مصدر الضلال والشر نوعاً من الشرک؟ کما أننا نذم عقیدة النصارى القائمة على أساس التثلیث، أو لا یعتبر إیماننا بالنبی وجبرئیل إزاء الله نوعاً من الشرک؟
الجواب:
قطعاً مثل هذه الاستنباطات معلولة لعدم التفسیر الصحیح لمعنى الشیطان أو جبرئیل والنبی. فالإلتفات إلى حقیقة معانی هذه الألفاظ لا یبقى أی غموض وابهام بهذا الشأن.
توضیح ذلک: أنّ الشیطان کسائر الکائنات أحد مخلوقات الله وکان یعرف بطهارته بادئ الأمر، لکن الکبر أهبطه من مرتبته السامیة وألقى به فی مهاوی الفساد، ولیس له من سلطة قسریة على بنی آدم، إنّما سلطته على الذین یمکنونه من أنفسهم ویستسلمون لوساوسه ویتبعون ولایته; أمّا أولئک الذین یقفون إزائه کالطود الشامخ بفعل إیمانهم بالله وإرادتهم القویة فلن تستطیع وساوسه النفوذ إلیهم (إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِینَ یَتَوَلَّوْنَهُ
وَالَّذِینَ هُمْ بِهِ مُشْرِکُونَ)(1) ویتضح ممّا قیل إنّ الشیطان لیس وجوداً مستقلاً بالنسبة لله ولا خالقاً للشر، بل هو مخلوق ضعیف کسائر المخلوقات، وإن ترکه الله لممارسة وساوسه فذلک لکی لا یمسّ أولیاء الله منه سوء فحسب، بل لیبلغوا بمقاومتهم له أقصى درجات السمو والکمال.
وأمّا الاعتقاد بالله وجبرئیل ومحمد(صلى الله علیه وآله)فلا یشبه نظیره لدى النصارى بالأقانیم الثلاثة ـ الله والابن والروح القدس ـ بأی شکل من الأشکال ; فنحن نؤمن بوحدانیة الله وأنّه خالق عالم الوجود وأنّ کل ما سواه حتى النبی محمد(صلى الله علیه وآله)وجبرئیل وسائر الأنبیاء والملائکة مخلوق لله ولیس لهم من أنفسهم أی اختیار فی عالم الوجود، والکل عباده ومنقاد لقدرته. وجبرئیل حامل وحی الله، ومحمد عبد الله ورسوله وصفیه من خلقه. وقد أشار القرآن الکریم بصفته مصدر جمیع عقائدنا إلى هذه الحقائق على لسان أغلب آیاته ، کما أنّ الشریعة الإسلامیة السمحاء لم تتضمن أیّة عبارة لألوهیة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أو جبرئیل(علیه السلام).
1. سورة النحل، الآیة 100.
