السؤال:

ذکر مؤلف روضات الجنات فی شرحه لسیرة المحقق الحلی(رحمه الله) صاحب شرائع الإسلام أنّ العالم الفلکی الخواجة نصیر الدین الطوسی أتى المحقق، وکان یدرس فحضر الدرس. فکان ممّا قاله المحقق: «یستحب لأهل العراق الانحراف قلیلاً إلى یسار القبلة عند الصلاة»، فأشکل علیه الخواجه وقال: «إن کان الانحراف من القبلة لغیرها فهو حرام، وإن کان من غیر القبلة إلى القبلة فهو واجب، فما المراد هنا بالاستحباب؟».

فردّ علیه المحقق الحلی(رحمه الله): «لیس المراد هذا ولا ذاک، بل أردت الانحراف إلى نحو الیسار من القبلة إلى القبلة»، فاقتنع الخواجة. والآن یرد هذا الالسؤال: ما کان مراد المحقق من ذلک الجواب؟ فجمیع مناطق العراق تیامنیة أی تمیل إلى الجانب الأیمن من النقطة الجنوبیة، فما مراد المحقق.

الجواب:

أولاً: استحباب انحراف أهل العراق إلى الیسار لا یعنی انحرافهم من الجنوب نحو المغرب والمشرق بما ینافی انحراف قبلة أهل العراق من الجنوب نحو المغرب، بل المراد

الانحراف من نقطة القبلة إلى یسارها، والفارق بین الأمرین کبیر. (لابدّ من الدقّة).

ثانیاً: ذکر الفقهاء أمرین لاستحباب الانحراف إلى یسار القبلة:

1 ـ ما ذکره العلامة المجلسی(رحمه الله) فی کتاب الصلاة من بحار الأنوار من أنّ علة الانحراف بسبب بناء محاریب مساجد الکوفة وسائر مناطق العراق منحرفة إلى الیمین (وإن لم یکن ذلک الانحراف بالشکل الذی یبطل الصلاة) لکن الأئمّة الأطهار(علیهم السلام) أوصوا بذلک بغیة درک النقطة الحقیقیة للقبلة، وعدم مخالفة الخلفاء الذین امروا ببناء تلک المساجد والفائدة فی معرفة النقطة الحقیقیة للقبلة دون الاصطدام بالجهاز الحاکم.

2 ـ ما أوردته بعض الروایات من أنّ حدود حریم الکعبة من الیمین میلان ومن الیسار أربعة أمیال، أی هنالک قدسیة لهذا المقدار (طبها هذا الأمر لا یتعلق بحدود الحرم أربعة فراسخ فی أربعة فراسخ).

وعلیه فهذا حکم احتیاطی فی أن یتوجه الإنسان فی صلاته إلى نقطة یضعف فیها احتمال الخروج من حریم الکعبة. ولعل المحقق الحلی عنى بجوابه النقطة الأولى أو الثانیة.