السؤال:

لِمَ حرم الإسلام الموسیقى وما فلسفة هذا التحریم؟

الجواب:

رغم أنّ انتشار أنواع الموسیقى الذی حال دون توصل العدید من الأفراد إلى التفکیر الخاطىء الذی یتمسک به البعض «تداول کل شیء دلیل على صحته» فإنّهم لیسوا مستعدین للتوقف عند الآثار السیئة والمشؤومة للموسیقى. أمّا الأفراد الواقعیون فلن یکتفوا بذلک فهم یجدّون ویسعون بغیة الوقوف على الحقائق رغم سماعها:

الموسیقى جدیرة بالتأمل من عدّة جوانب:

1 ـ من حیث الأضرار البدنیة والاثار السیئة التی تنعکس على الجهاز العصبی للإنسان. قال الدکتور «ولف ادلر» بهذا الخصوص: «إنّ أروع وأفضل النغمات الموسیقیة تترک بصماتها السیئة على أعصاب الإنسان; ولا سیما حین حرارة الجو».

وقال الدکتور «الکسیس کارل» عالم الأحیاء الفرنسی: «إنّ الاشباع الهمجی للشهوة قد یحظى بأهمیّة، ولکن لیس هنالک شیء عبثی أکثر من حیاة تفنى فی اللهو، وممّا لا شک فیه أنّ الازمة الفکریة إنّما یفرزها التردد على السینما وسماع المذیاع».

لابدّ من التعامل مع الموسیقى على غرار سائر المخدرات; ذلک أنّ آثارها المخدرة ممّا لا یسع انکاره; کما أنّ التخدیر على أنواع والإنسان یستطیع تخدیر أعصابه بعدّة طرق. فالتخدیر یکون أحیاناً بواسطة الأکل والشرب; کالمشروبات الکحولیة التی تشل الأعصاب وتعطل العقل عن الإدراک ـ وأحیاناً أخرى بواسطة الاستنشاق کذرات مادة الهیروئین التی تسری إلى البدن عن طریق الأنف وتخدر الأعصاب.

وأخیراً هنالک التخدیر بواسطة الأذن من خلال استماع الموسیقى التی تبلغ ذروتها أحیاناً فیخرج الإنسان من توازنه الطبیعی. وعلى هذا الأساس فإنّ الموسیقى وسیلة تخدیر لا غیر وتحتوی على أضراره کافّة. ولعل النشوة التی یشعر بها الأفراد من الموسیقى هی هذا التخدیر، والذی یبلغ أشدّه أحیاناً فیدفع بالإنسان للقیام بحرکات لا تبدو عادیة. مثلاً حین تتضاعف قوّة التخدیر یُسلب الإنسان القدرة على القضاء الصحیح، فقد لا یمیز بین الحسن والسیء. وربّما یتفاعل مع الأصوات والنغمات الموسیقیة فیرتکب بعض الأفعال التی تخرجه من حظیرة الإنسانیة.

ولا اعتقد بأنّ هذا الکلام یحتاج إلى تقریب وتوضیح، فکل فرد یرى ما تفعله هذه الموسیقى والرقص الجماعی الذی یمارسه الرجال مع النساء بهذا الاختلاط وکیف یفقدون صوابهم ویتنازلون عن إنسانیتهم ولا یتحرجون عن ارتکاب أی عمل مشین.

فأی تخدیر أعظم من هذا! فالإنسان إن استسلم لهذه النغمات الموسیقیة فستسیطر على أعصابه حالة من الضعف والاسترخاء، ولا یعد یتصور سوى الشهوة والغرام; فیغیب عقله ولبّه ویذوب لدیه الشعور بالمفاهیم المقدسة کالرأفة والحنان والمروءة والعفة والحیاء والأمانة والمساواة والإخاء والمجد والعظمة والجهد والمثابرة والاستقامة على الطریق.

لا ریب ولا شک فی أنّ الکحول والموسیقى من أعظم آلات تهییج الرجال والنساء وإثارة الشهوة والتی عادة ما یلجأون الیها بهدف تخدیر أعصابهم. صحیح أنّ الإسلام لا یمنع الإنسان من أیّة لذّة طبیعیة، غیر أنّه یحول دون تلک اللذائذ العابرة بواسطة تخدیر الأعصاب وإثارة الشهوات والتی تخرج الإنسان من طوره الإنسانی الطبیعی.

الحدود الأخلاقیة للموسیقى:

ممّا لا شک فیه أنّ أحد عوامل الانحطاط الأخلاقی هو هذه الأمور إلى جانب الأشرطة الصوتیة الموسیقیة التی تهدف إلى إشاعة الفاحشة ومجانبة العفة، بالإضافة إلى تلک الأصوات الأنثویة الدافئة المطربة التی تؤجج نیران الشهوة لدى الرجال وبخاصة الشبّان.

ثم هل لله من مکان فی تلک القلوب الطائشة الملیئة بالشهوة والإثارة؟! وهل تعیش هذه القلوب حالة من الانکسار تجاه الضعفاء والمحرومین بعد أن طفحت بانغام الموسیقى والألحان المطربة؟ وهل یمکن للشریعة أن تفتی بحلّیة شیء یفضی إلى کل هذه المفاسد؟!

النتیجة: للنغمات الموسیقیة آثار سیئة من حیث تخدیرها للأعصاب، کما لها آثارها السلبیة من الناحیة الأخلاقیة بتأجیجها لسعیر الشهوة لدى الشبّان. کما ثبت صحیّاً أنّ للوفیات المفاجئة عدّة عوامل، أحدها سماع الموسیقى; لأنّ الموسیقى عامل إثارة، والإثارة تقضی على توازن الأعصاب، وبالتالی فهی مدعاة إلى حصول السکتة القلبیة والدماغیة.