السوال:
لماذا تجب أربع شهادات فی الزنا؟ إلاّ یدعو هذا إلى ازدیاد الأعمال المنافیة للعفة على ضوء التصعب فی إثبات الجرم؟ وبغض النظر عن ذلک، لماذا أُلغیت هنا هذه القاعدّة «اقرار العقلاء على أنفسهم جائز» فإن اعترف شخص بالزنا ثلاث مرّات فلا یقبل منه حتى یأتی بالرابعة؟
الجواب:
للقانون الإسلامی صورة خاصة بشأن عقوبة الزنا حیث تضمن بعض الأمور; یعنی أنّه جعل عقوبة هذه الأفعال شدیدة وثقیلة، فمن جانب تبدأ بالجلد والنفی وفی بعض الحالات بالاعدام، ومن جانب آخر تصعب فی طریقة إثبات هذه الجریمة حتى جعل شهود الزنا ضعف شهود سائر الجرائم، کما لم یکتف باقرار الشخص لمرّة واحدة وضم هذین الأمرین لبعضهما ـ تشدید العقوبة والتصعب فی إثبات الجریمة ـ أضفى وضعاً خاصاً على هذا القانون الجزائی، بمعنى تحلی هذا القانون بتأثیره النفسی فی الحیلولة دون ارتکاب الأفراد لهذا النوع من الخطایا، وفی نفس الوقت لا یشمل الکثیر من الأفراد عملیاً.
بعبارة أخرى: إنّ المراد من وضع هذه القوانین، منع الأفراد من ارتکاب هذه الجریمة، لا إعدامهم والقضاء علیهم. وهذا الأثر یترتب على ثقل نوع العقوبة، ذلک أنّ مرتکب الجریمة یتصور العقوبة الصارمة فتأخذه حالة من الخوف والخشیة لما یحتمل من عقاب; الأمر الذی یحول دون ارتکابه للذنب.
وغالباً ما نرى تعیین بعض العقوبات الشدیدة کالإعدام لارتکاب بعض کبار الذنوب ـ من قبیل بیع المخدرات ـ ورغم أنّ هذه العقوبات خاصة بظروف معینة، إلاّ أنّ احتمال توفر شرائطه یلعب دوراً کبیراً فی روح مرتکبی الجریمة.
والخلاصة فإنّ القوانین الجزائیة الإسلامیة شرعت بالشکل الذی تسهم فی الحیلولة دون ارتکاب الجریمة، وتبعد الکثیر فی نفس الوقت عن الشمول بها. وعلى هذا الأساس فإن تنفیذ عقوبة الإعدام فی موضع معین تترک آثارها على أفکار سائر المرتکبین، ذلک أنّ مجرّد احتمال تنفیذ هذه العقوبة بهم یوماً کاف لهم.