السوال:

ورد فی بعض الأخبار أنّ أمیرالمؤمنین علیّاً(علیه السلام) انطلق خلال لیلة واحدة بطی الأرض من المدینة إلى المدائن حین وفاة سلمان الفارسی(رحمه الله) فغسله ودفنه، وعاد صباحاً إلى المدینة، فهل یمکن هذا مع أنّ المسافة بین المدینة والمدائن أکثر من مئة فرسخ؟

الجواب:

نعلم أنّ سرعة حرکة الأجسام لیست متساویة فسرعة الفرس أقل من سرعة السیارة والقطار، وسرعة السیارة لا یمکن مقارنتها بسرعة الطائرة، ولیس سرعة الطائرة بشیء إزاء سرعة حرکة الأرض حول الشمس (الحرکة الانتقالیة) التی تبلغ ثلاثین کیلومتراً بالثانیة; وبالتالی لیس هنالک من نسبة لمقارنة سرعة الأرض بسرعة الضوء البالغة ثلاثمئة ألف کیلومتر بالثانیة. طبعاً قبیل اختراع السیارة والقطار والطائرة کان الناس لا یؤمنون بسرعة تبلغ عشرات أو مئات الفراسخ فی الساعة، ومن الواضح أنّ هذا المحال عادی لا عقلی، ومن الممکن أن یخترع فی المستقبل جهاز تبلغ سرعته سرعة حرکة الأرض حول الشمس أو حرکة الألکترون حول النواة المرکزیة للذرة أو أکبر من ذلک. وحین اتضح أنّ هذا المحال لیس عقلیاً، فمن المسلم به أنّ الله قادر بلطفه وعنایته على أن یحمل شخصاً خلال لیلة من المدینة إلى المدائن ویعیده ثانیة، بل إننا لنؤمن حسب المصادر الدینیة المعتبرة فی المعراج الجسمانی لرسول الله(صلى الله علیه وآله)، ونقر بذلک على قدرة الله المطلقة الغنیة عن الحدود.

وإننا لنؤمن بالکثیر من المطالب التی ذکرها القرآن على أساس هذه القدرة; فمثلاً قبل أن تصل بلقیس ملکة سبأ إلى سلیمان(علیه السلام)، أراد سلیمان(علیه السلام)أن یریها معجزة لیشدّ قلبها إلى الله، فقال لمن حوله (قَالَ یَا أَیُّهَا المَلَؤُا أَیُّکُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ یَأْتُونِی مُسْلِمِینَ* قَالَ عِفْریتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِیکَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَّقَامِکَ وَإِنِّی عَلَیْهِ لَقَوِىٌّ أَمِینٌ* قَالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْکِتَابِ أَنَا آتِیکَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْکَ طَرْفُکَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّی)(1).

وبالطبع لا یمکن التعامل مع المعجزات والکرامات من خلال المعاییر المادیة والإمکانات البشریة المحدودة ; فالإعجاز أمر خارق للعادة وینطلق عن قدرة الله اللامتناهیة.

1. سورة النمل، الآیة 38 ـ 40.