11-أعمالنا والعلم الأزلی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
اجوبة المسائل الشرعیّة
10-هل یستطیع الله أن یخلق له شبیهاً؟12-مفهوم البداء

السوال:

إنّ الله یعلم منذ الأزل بأنّ الجانی الفلانی سیرتکب جنایة فی لحظة معینة، وعلیه فإنّ هذا العلم سوف یخالف الواقع إن لم یرتکب جنایته. والأمر ربّما یصبح کما تمثله الخیام فی شعره من أنّ الحق یعلم منذ الأزل بشرب الخمر فإن امتنعت عن شرب الخمرة کان علم الله جهلاً.

توضیح الالسوال: إنّ الله عالم منذ «الأزل» بما یحدث تدریجیاً فی عالم الوجود، وهو عالم منذ الأزل بحرکة الکواکب فی السموات وحرکة الالکترونات حول مدارات الذرة وحرکة أوراق الأشجار وأمواج البحار وحرکة الأسماک فی أعماق المحیطات. وعلم الله محیط قبل أن یخلق البشر بسلوک الجناة وجرائم العتاة وإراقة الدماء من قبل سفاکی الدماء، ویعلم بکل شخص ماذا سیفعل فی اللحظة الفلانیة، وعلیه فلیس لأی شخص من مفرّ من ارتکاب ذلک العمل الذی یعلمه الله ولا یستطیع التخلف عن الإتیان به، ذلک لأنّه إن لم یفعله کان علم الله خلافاً للواقع وبالتالی یصبح علمه جهلاً.

الجواب:

کل ما قیل فی الالسوال بشأن علم الله صحیح ومنطقی ; أی أنّ الله عالم بکل شیء منذ الأزل، إلاّ أنّ النتیجة التی رتبت على ذلک (من أنّ الإنسان مجبر على القیام بأی من أفعاله) باطلة جملةً وتفصیلاً . ولا بدّ هنا من بیان أمرین لکی تتضح هذه الحقیقة:

1 ـ إنّ حریة الإنسان وإرادته فی القیام بأی عمل یشاء ممّا أجمع علیة عقلاء العالم کافّة، حتى أولئک الذین یرون الأفراد مجبرین على أفعالهم، یحترمون المبدأ المذکور ویعتقدون أنّهم مختارون فی بعض أفعالهم ـ ولذلک ـ إن سمعوا إهانة من شخص أو إن قصّر أحد أولادهم فی القیام ببعض وظائفهم لهبّوا سریعاً لمعاقبته ومؤاخذته على ما بدر منه.

وبناءً على هذا لابدّ أن نذعن بأنّ ذلک الفرد الجانی الذی یطعن آخر بسکین فیقتله أو شارب الخمر الذی یتناول الکأس تلو الآخر إنّما یفعل ذلک بمل إرادته واختیاره، ولیس هنالک أی منصف یزعم أنّ فعل الجانی وشارب الخمر غیر اختیاری على غرار التنفس وهضم الطعام الذی لا یمکن تجنبه بأی شکل من الأشکال. ولو عدنا لأولئک القلّة الشاذة التی تصادر إرادة الفاعل واختیاره وعرضناهم لبعض التجاوزات والإساءات لاستعانوا فوراً بالمراجع القضائیة وطالبوا بمعاقبة المعتدی.

2 ـ إنّ علم الله کما بیّنا سابقاً مرآة للواقع ولایتخلف عنه قط، ولکن لابدّ من الإلتفات إلاّ أنّ علم الله إنّما یتعلق بالشیء بالقید والصفة التی له فی الخارج وبالخصوصیة التی یتحقق بها.

توضیح ذلک: أنّ البشریة طیلة حیاتها کانت مبدأ لنوعین من الأفعال ; طائفة من الأفعال التی یمارسها على أساس الإرادة والاختیار، فالصبغة الممیزة لهذه الطائفة من الأفعال أنّها «أفعال اختیاریة».

والطائفة الأخرى من أفعاله هی «الأفعال اللاإرادیة» أو التی یصطلح علیها بـ «الاضطراریة»، من قبیل الدورة الدمویة فی الشریان ونبض القلب وفعالیات الجهاز الهضمی و... والممیز الرئیسی لهذه الأفعال أنّها «أفعال غیر اختیاریة».

وعلى ضوء المبدأ المسلم الذی ذکرناه ـ من أنّ علم الله هو الواقع ولا یتخلف عنه أبداً ـ فإنّ کل فعل من أفعالنا بتلک الخصوصیة والصبغة التی له فی الخارج معلوم لدى الله منذ الأزل، أی أنّ الله یعلم منذ الأزل بأنّ ذلک الفعل المعین سیبدر منّا فی لحظة معینة بمنتهى الاختیار والحریة، وکذلک الطائفة الثانیة من أفعالنا فإنّ الله یعلم منذ الأزل أن فعلاً معیناً سیصدر منّا اضطراراً فی ساعة معینة.

وعلى ضوء هذین المطلبین نخوض الآن فی توضیح الجواب:

أثبت المطلب الأول أنّ طائفة من أفعالنا أرادیة واختیاریة وإننا نملک الحریة التامة فی ترکها أو الإتیان بها. وأثبت المطلب الثانی کما أنّ الله عالم بأصل الفعل، فهو عالم أیضاً بخصوصیته وصفته وأنّه اختیاری أم اضطراری، وبعبارة أخرى فإنّ فعلنا بتلک الخصائص والممیزات التی له فی الخارج معلوم عند الله. واستناداً لما مرّ معنا بشأن أفعالنا الأختیاریة نستنتج أنّ الله کان یعلم منذ الأزل بأنّ الشخص الفلانی سیطعن بالسکین فلاناً من الناس بالساعة الفلانیة من الیوم الفلانی بمل إرادته. ومثل هذا العلم السابق (علم الله الأزلی) لا یوجد «إجبار» الإنسان وسلبه الحریة والإرادة، ولا یحق للشخص الجانی أن یتذرع بالعلم الإلهی فیعتبر نفسه مجبراً على القیام بتلک الجنایة، لأنّ الله لم یکن عالماً بأصل الفعل فحسب، بل کان عالماً بأنّ ذلک الشخص سیرتکب تلک الجنایة باختیاره وحریته (لابدّ من التأمل).

وهذا العلم یؤید ویکشف حریة الإنسان فی قیامه بأفعاله دون أن یوجب أی اجبار علیه; ذلک لأنّ هذا العلم الذی یأبى مخالفة الواقع بأی شکل من الأشکال یفید أنّ الإنسان إنّما یقوم بأفعاله على أساس حریته واختیاره، ولو فرضنا أنّ ذلک الإنسان کان مجبراً على أفعاله وأنّه یقوم بها دون أدنى اختیار وحریة، لأصبح علم الله مخالف للواقع وکان جهلا.

بعبارة أخرى: إنّنا إن مارسنا أفعالنا ـ الحسنة أو السیئة ـ بحریة واختیار فإنّ علم الله سیکون مطابقاً للواقع، بینما سیخالفه إن کنّا مجبرین على تلک الأفعال.

شرح أبسط: لعل البیان الفلسفی المذکور یبدو صعباً على البعض. ولتبسیط الموضوع نستعین بهذا المثال لنرى کیفیة الردّ الذی یسوقه من یتذرع بعلم الله الأزلی فی ما یرتکبه بعض الأشخاص من جرائم وجنایات لیلتمسوا لهم الأعذار فی ما یمارسون من ظلم وأثم وهل یعتمدون ذات المنطق فی هذا المثال: فأغلب الأساتذة یستطیعون التکهن بمستقبل تلامذتهم، فالأستاذ الذی یتابع عن کثب مستویات طلاّبه ربّما یمتلک رؤیة واضحة تامة عن أولئک الذین سیجتازون الإمتحان ومن یفشل فیه، ولنفترض أنّ الأستاذ یعرف بکسل أحد التلامذة ومدى إهماله وقضائه لوقته فی اللعب دون أن تؤثر فیه نصائحه وإرشاداته وعلیه فإنّ الأستاذ یستطیع أن یحدد نتیجة هذا التلمیذ مسبقاً وسیکون علم الأستاذ مطابقاً للواقع بالطبع، وهنا نتساءل عن السبب الذی یقف وراء فشل التلمیذ فی الإمتحان، أیکمن فی علم الأستاذ أم فی نفس التلمیذ؟ ولو تکهن الأستاذ بنتیجة أخرى مغایرة، فهل کان یمکن تحققها بحیث کان ینجح ذلک التلمیذ فی الإمتحان، أم أنّ رسوبه فی الإمتحان کان معلولاً لإهماله وکسله؟ قطعاً لیس هنالک أی عاقل یوعز فشل التلمیذ إلى علم الأستاذ، ویجزم أنّ إهمال التلمیذ کان هو السبب وراء فشله ورسوبه فی الإمتحان.

وهل یشک أحد فی أنّ التلمیذ هو المسؤول عن تقریر مصیره، وأنّه حرّ ومختار فی تحدید النتیجة التی یرغب فیها. والأمر کذلک بالنسبة لعلم الله ومصیر الإنسان وحریته فی أفعاله، مع العلم أنّ هنالک بوناً شاسعاً بین علم الأستاذ ونتیجة تلامذته وعلم الله بعباده، ذلک العلم الأزلی اللامتناهی، مع ذلک فلیس لهذا الفارق من تأثیر فی الجواب، وأنّ أی من العلمین لم تکن له مدخلیة فی النتائج ولا یوجبان سلب الطرف المقابل حریته واختیاره وإرادته.

وخلاصة الکلام: أنّ الله خلق الإنسان وأودعه سلسلة من المواهب والقدرات ومنحه العقل والإرادة والاختیار والحریة وبین له سبیل السعادة والفلاح، وجعل کل إنسان حرّاً فی ما یسلک من سبیل. ونحن بدورنا من یقرر مصیره بمل حریته واختیاره، ولیس لعلم الله أی تأثیر فی تعیین هذا المصیر، ذلک لأنّ هذا العلم لا یسلبنا أی شیء من الحریة والإرادة

والاختیار. ومن هنا ندرک أنّ ما تمثل به الخیام بشأن شرب الخمر وأنّه مضطر لشربها بعد سبقها بعلم الله الأزلی لم یکن سوى سفسطة، ولعل سبب شیوع هذا اللون من التفکیر لدى المدارس الغربیة لا یعزى سوى إلى إیمانهم بالحریة المطلقة فی ممارسة الذنب والرذیلة والذی لا یعدو کونه خداعاً للنفس والوجدان. فلیست هنالک أیّة قوّة تسوق الإنسان قسراً إلى ممارسة فعل من الأفعال. ولذلک ردّ المرحوم الخواجة نصیر الدین الطوسی الفیلسوف المعروف على رباعیات الخیام المذکورة لیکشف عن مدى جهل من ینسب مقارنة الرذیلة لعلم الله الأزلی(1).


1. یمکن للقراء الأعزاء الوقوف على المزید بهذا الشأن من خلال الرجوع إلى کتاب تصورات الخیام بغیة معرفة الردود على هذه الرباعیات.

 

10-هل یستطیع الله أن یخلق له شبیهاً؟12-مفهوم البداء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma