السؤال:
وردت عدّة مطالب فی الإسلام بشأن أهمیة وعظمة «لیلة القدر» کما وردت بعض الأعمال عن الأئمّة(علیهم السلام) بشأن هذه اللیلة المتوقعة حسب المشهور فی 19 أو 21 أو 23 من شهر رمضان.
ویبدو أنّ لیلة القدر لیست أکثر من لیلة واحدة طیلة السنة، لکننا نعلم وعلى أساس اختلاف الأفق أنّ شهر رمضان یکون أبکر لیوم أو یومین فی بعض البلدان وفی البعض الآخر متأخر لیوم أو یومین، وعلیه فستختلف لیلة القدر لیلة أو لیلتین، فتکون لیلة القدر متعددة حسب اختلاف البلدان. فکیف التوفیق بین وحدة لیلة القدر طیلة السنة، أم أنّ لیلة القدر تقتصر على عهد النبی(صلى الله علیه وآله)ومکة ولا قدر فی الأزمنة المتأخرة؟
الجواب:
تفید الأدلة القطعیة عدم اختصاص لیلة القدر بعهد النبی(صلى الله علیه وآله) وتشمل الأماکن والأزمان کافّة وهذا ممّا لا نقاش فیه. وبرز هذا الإشکال من هذا التصور أنّ لیلة القدر واحدة ومشترکة بین مختلف مناطق العالم لتبدأ بساعة معینة وتنتهی بأخرى. والحال هذا تصور خاطئ، لأننا نعلم بأنّ الأرض کرویة، ودائماً هنالک نصف مظلم وآخر مضیء. وعلیه فلا یمکن أن یکون اللیل مشترک فی أنحاء الأرض کافّة.
توضیح ذلک: أنّ أهالی کل منطقة یبدأون عامهم القمری حسب أفقهم بأول یوم من محرم، وبعد مضی عدّة أشهر قمریة یبدأ شهر رمضان حسب أفقهم أیضاً، وفی هذا الشهر تکون لیلة التاسع عشر أو الحادى والعشرون أو الثالث والعشرون بالنسبة لأهل تلک المنطقة لیلة القدر. ولا یقتصر الأمر على لیلة القدر بل یشمل حسابهم لسائر الأیّام المقدّسة على أساس أفقهم، مثلا عید الفطر والأضحى من الأیّام المقدّسة لدى المسلمین وفیها أعمال خاصة، وکل یوم من هذین العیدین واحد لا أکثر، یتعین هذا الیوم لکل بلد إسلامی على ضوء أفقه الخاص، ومن هنا نشهد أغلب أوقات عید الأضحى مثلا فی العربیة السعودیة أبکر من ایران وسائر البلدان الإسلامیة بیوم.
وعلیه فلیلة القدر محفوظة لکل بلد ولا یتنافى هذا أبداً مع خصائص اللیلة من نزول ملائکة الرحمة وسعة العفو الإلهی.
