السوال:

لماذا تجب صلاة الآیات عند الخسوف والکسوف والزلزلة والصاعقة وشدّة الریاح والأصوات السماویة الرهیبة؟

الجواب:

هنالک أمران لتشریع صلاة الآیات حین الکسوف والخسوف:

1 ـ یرى الإنسان أنّ للشمس والقمر والمنظومة الشمسیة نظاماً عجیباً، فالشمس تبعث بأشعتها إلى الاحیاء کافّة لتنمو وتتکامل، والقمر یضیء لنا اللیل ویحصی لنا الزمان بحرکته المنتظمة; الأمر الذی جعل الإنسان البسیط یعتقد بحکومة هذین الکوکبین لعالم النباتات والجمادات والکائنات الحیة، ومن هنا ظهرت عبادة الشمس والقمر، حیث اعتقد البعض أنّ الحاکمیة المطلقة للشمس والقمر بدل حاکمیة الله.

وقد وجه بطل التوحید إبراهیم الخلیل(علیه السلام) أشدّ صفعة لعقیدة هؤلاء من خلال إثباته لانقیاد هذه الکرات للقوانین التی تحکم الوجود(1) واستدل على کونها مخلوقة من خلال افولها (غروبها) وخفائها عن الأنظار، والکسوف والخسوف علامة أخرى على مخلوقیتها ومحدودیتها إزاء الخالق، وتفید أنّها لا تملک أیّة استقلالیة فی ارسالها لأشعتها، وبالتالی هنالک من یسیرها ویسیطر علیها.

وعلیه فالکسوف والخسوف أفضل دلیل على مخلوقیة ومحدودیة الشمس والقمر إزاء الإرادة المطلقة التی تحکم عالم الوجود.

وحین نواجه ظاهرة الخسوف والکسوف ـ الظاهرة التی ترشدنا إلى الإذعان بانقیاد هذه الأجرام إلى الإرادة القاهرة، کما ترسخ لدینا الاعتراف بالخالق المهیمن على کل شیء ـ یثار لدینا حسن الإیمان فنصلّی صلاة الآیات ونسجد لله ونعرب عن خضوعنا الباطنی. على غرار بطل التوحید إبراهیم(علیه السلام)الذی خلص إلى ذات النتیجة بعد افول تلک الأجرام والتی نخلص إلیها فی الکسوف والخسوف فقال: (إِنِّی وَجَّهْتُ وَجْهِیَ لِلَّذِی فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضَ حَنِیفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِکِینَ)(2).

2 ـ أضف إلى ذلک حین تستجد بعض الأوضاع المخیفة والمفاجئة فی السماء، فإنّ بعض الناس یلجأون إلى سلسلة من الأمور الخرافیة ویرون أنّ هذه الأعمال مؤثرة فی رفع هذه الحادثة، والإسلام بتشریعه لصلاة الآیات حین الخسوف والکسوف إنّما یصد الناس عن هذه الإنحرافات ویلفت انتباههم إلى المصدر الذی تستند إلیه الحوادث والظواهر کافّة، بالإضافة إلى أنّها تمنح الإنسان الأمن والهدوء والسکینة إزاء هذه الحوادث.

1. سورة الأنعام، الآیة 76 ـ 78.
2. سورة الأنعام، الآیة 79.