14-ما معنى القضاء والقدر؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
اجوبة المسائل الشرعیّة
13-فلسفة البلاء15-مفهوم السمع والبصر بالنسبة لله

السوال:

ما المراد بالقضاء والقدر؟ وإن کان المراد أنّ الله عیّن مصیر کل فرد ولیس لنا من سبیل سوى الإستسلام لهذا المصیر فما معنى الآیة الشریفة: (وَأَنْ لَیْسَ لِلْإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى)(1)فالآیة الکریمة تفید أنّ مصیر الإنسان تابع لإختیاره دون أن یکون للقضاء والقدر تأثیر على مصیره.

الجواب:

مسألة التقدیر والمصیر من المسائل الواردة فی أدیان أمم العالم کافّة ولا یقتصر الإعتقاد به على أُمّة وإن کانت الآیات القرآنیة والروایات الإسلامیة أکثر ترکیزاً على هذا الأمر. وللأسف فإنّ سوء التفسیر الذی أورده بعض الأفراد لمفهوم القضاء والقدر جعل الآخرین ینظرون بشیء من التشاؤم إلى هذین اللفظین، ولعل البعض یرتعش لمجرّد سماعهما ویرى التقدیر الإلهی قضیة خارجة عن قدرتنا وله تأثیر مباشر على إرادتنا، وقد یکون إیجابیاً أحیاناً فیضطر الإنسان القیام بعمل، وأحیاناً سلبیاً فیصد الإنسان شاء أم أبى عن القیام بعمل. فالتقدیر بهذا المعنى ـ فی أفعال البشر الإختیاریة ـ لا یعدو کونه خرافة، بل لابدّ من الوقوف على حقیقة التقدیر فی وسط ومعترک الحیاة، ولا ینبغی عزل التقدیر عن إرادة الإنسان وحریته.

وقد یبدو من الصعب على بعض الأفراد الذین عاشوا صورة ذهنیة مشوهة للقضاء والقدر قبول هذه النظریة: (لیس هنالک من عنصر فی عالم الوجود باسم القضاء والقدر فی عرض سائر العناصر یلعب دوراً سلبیاً أو إیجابیاً فی إرادة الإنسان); ذلک لأنّ هؤلاء الأفراد اعتادوا على تعلیق أخطائهم وزلاتهم على عنصر خارجی أسموه القضاء والقدر لیتنصلوا من مسؤولیة أعمالهم. وأننا لنلمس الیوم مسألة «الحتمیة التأریخیة» التی حلت مکان القضاء والقدر لدى الأوساط الغربیة والأوربیة فینسبون إلیها أخطاءهم کافّة. إلاّ أنّ حقیقة الأمر واضحة فی أنّ التقدیر الإلهی لا یحمل أی تأثیر على إرادة الإنسان، ویتضح هذا الموضوع بجلاء من خلال بیان السنن الإلهیّة فی عالم الوجود والذی یکشف حقیقة القضاء والقدر.

التقدیر الإلهی:

کلما تعرفنا على التقدیر الإلهی سنرى خلو صفحة الوجود من عامل وعنصر حرکی باسم القضاء والقدر خارج إرادة الفاعل; والمراد من التقدیر الإلهی السنن القطعیة التی تحکمنا والعالم، وتأثیر هذه السنن قطعی فی سعادة الناس وتعاستهم وأننا أحرار فی اختیار أیة سنة من هذه السنن. وإلیک بعض الأمثلة لتوضیح هذا المطلب:

1 ـ إنّ التقدیر الإلهی بالنسبة للأمّة الخاملة التی تعیش التناحر والنزاع وتوظف إمکاناتها فی المجالات العبثیة ولا تمتلک رؤیة صائبة لأوضاعها والظروف المحیطة بها وتنغمس فی مصالحها الضیقة سوف لن یکون سوى باضمحلالها وانهیارها عاجلاً أم آجلاً. أمّا التقدیر الإلهی تجاه الأمّة التی تعیش هموم المحرومین والکادحین وتحرص على ردم التمییز الطبقی واشاعة رفاهیة الإنسان وتحسین وضعه المعاشی والاجتماعی وتمدید

العون إلى الفقراء والمعوزین من خلال اخراجها للحقوق الشرعیة من أموالها، فسوف لن یکون سوى العزة والکرامة والرقی والإزدهار. والتقدیرات على درجة من الوضوح بحیث لا یشک فیها أحد من الناس.

وبالطبع فإنّ جمیع الأمم متساویة حیال التقدیرین المذکورین ولیس هنالک أی عامل خارج إرادة هذه الأمم یحملها على اختیار أی من التقدیرین، ونحن الذین نقرر التقدیر الذی نرید على ضوء أهوائنا وغرائزنا أو عقلنا وحکمتنا، وسوف لن یکون القضاء والقدر سوى ما اخترناه ; فالله هو الذی خلق هذه السنن وأمضاها ومنحنا الحریة فی اختیار ما نشاء.

2 ـ والشاب الذی یبدأ حیاته ویتمتع بمزید من الإمکانات والعلم والذکاء وقوّة العضلات یجد نفسه أمام تقدیرین ومصیرین کلاهما قضاء الله وعلیه الإختیار ; فإن وظف إمکاناته المادیة والمعنویة باتجاه العلم والعمل والمجال التجاری عاش حیاة سعیدة هانئة ; وإن أساء التصرف فی هذه الإمکانیات ووظفها فی سبیل الرذیلة وشرب الخمر ولعب القمار وسائر الموبقات التی تشل حرکته، إنّما یقود حیاته إلى الشقاء والمعاناة وقضاء العمر فی الهم والغم. وکلا التقدیرین مرتبط بالله، لکن الإنسان حرّ فی إختیار أی منهما، والنتیجة المترتبة على اختیاره قضاء الله وقدره ; وإن قلع عن مساره منتصف الطریق فقد استبدل مصیره بمصیر آخر وهذا أیضاً بتقدیر الله ; ذلک لأنّه خلقنا وأذن لنا بالعودة فی منتصف الطریق فندمنا على ما فرط منّا وبالنتیجة استبدلنا مصیرنا بمصیر آخر.

3 ـ لو راجع المریض الطبیب وتناول الدواء تتحسن صحته، وإن أمتنع عن مراجعة الطبیب أو لم یتناول الدواء فإمّا أن یموت أو یعیش حالة من الألم والمعاناة، وکلا التقدیرین بحکم الله ولنا اختیار أی منهما، وکل ما نختاره هو قضاء الله.

وهکذا یمکنک عزیزی القارىء أن تستعین بمئات الأمثال للقضاء والقدر المتعلق بأفعال الإنسان لتقف على معنى التقدیر الإلهی بشأن أفعال الإنسان.

کلمات أئمّة الدین:

ما أوردناه فی الأمثلة السابقة یمثل فی الواقع توضیح بعض الأحادیث التی وردت عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) وأهل بیته(علیهم السلام) بشأن مسألة القضاء والقدر. فقد ورد عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله): «إنّ خمساً لا یستجاب دعاؤهم، أحدهم من جلس تحت جدار یوشک أن یقع فلا یهرب منه»(2). ولعل سر عدم استجابة دعاء هذا الفرد واضحة، ذلک لأنّ مصیر من جلس تحت جدار أعوج ولم یهرب هو الموت، لکنه استسلم باختیاره لهذا المصیر، والحال کان له أن یختار مصیراً آخر.

وقد فرّ أمیر المؤمنین(علیه السلام) من جدار کان یوشک على الأنهیار، وحین أنکر البعض علیه ذلک برره بأنّه یفرّ من قضاء الله إلى قدره «إنّ أمیر المؤمنین عدل من عند حائط آخر فقیل له: یاأمیرالمؤمنین أتفرّ من قضاء الله؟ فقال: أفر من قضاء الله إلى قدر الله»(3). فأنا حرّ فی اختیار ما شئت، فإن بقیت تحت الجدار وإنهار ومت فذلک بحکم القضاء، وإن فررت وبقیت سالماً فذلک بحکم القضاء أیضاً.

وحین سئل الإمام الرضا(علیه السلام) عن قضاء الله بشأن الأفعال الحسنة والقبیحة لعباده، رد(علیه السلام): إنّ کل عمل من اعمالهم الحسنة والقبیحة بقضاء الله. ثم فسّر(علیه السلام) ذلک القضاء الواسع ـ الذی یشمل جمیع أعمال البشر بما فیها الحسن والقبیح ـ بالنتائج التی تنعکس على الإنسان فی الدنیا والأخرة فقال: «الحکم علیهم بما یستحقونه على أفعالهم من الثواب والعقاب فی الدنیا والآخرة»(4).

فهذه الأحادیث تکشف ما أشرنا إلیه من حقیقة القضاء والقدر والتی تفید عدم انفصال القضاء والقدر عن إرادة الإنسان واختیاره، بل القضاء هو تلک السنن الإلهیّة التی تحکم الوجود، والإنسان مختار فی رکوب أی منها، فإنّ اختار کانت نتیجة الإختیار قضاء الله، ولیس هنالک من فعل من أفعال الإنسان خارج عن دائرة قضاء الله; فإنّ زرع بذور الخیر حصد خیراً بقضاء الله، وإن زرع بذور الشر والنفاق سیذوق مرارة ما زرع بقضاء الله، ولا یخرج أی من أفعاله الخیرة والشریرة عن دائرة قضاء الله وقدره.

القضاء والقدر فی صدر الإسلام:

لقد أدرک المسلمون فی صدر الإسلام مسألة القضاء والقدر بحیث لم یعتبروها منافیة لإختیار الإنسان وحریته فی صنع مصیره. فقد ورد بشأن الفتوحات الإسلامیة أنّ الخلیفة الثانی بلغ الشام فأخبر بانتشار الوباء، فأشار علیه صحبه بالعودة، وکان یهم بالعودة، فاعترض علیه أحدهم أتفرّ من قضاء الله؟ قال: أفر بأمر الله من قدر إلى آخر. فقال أحدهم سمعت رسول الله(صلى الله علیه وآله) قال: «إن ظهر الطاعون فی منطقة ولم تکن فیها فلا تدخلها، وإن کنت هناک فلا تخرج منه» (حذراً من نقله إلى الآخرین)(5).

ویستفاد من هذا أنّ الإعتقاد بالقضاء والقدر لا یتنافى وقضیة الإختیار والحریة والإرادة، وهنالک بون شاسع بین مسألة الجبر، وإن ذهب بعض المستشرقین إلى أنّ نتیجة الإعتقاد بالقضاء والقدر جبر آخر، فإنّما یعزى ذلک إلى عدم إدراکهم لمضمون المفاهیم الإسلامیة فضلا عن عدم إمتلاکهم أهلیة أصدار الأحکام بشأن بعض الأمور الحساسة. فقد قال «آلبرماله» فی تاریخه:

لم یکن الإسلام أوائل عهده سوى الإیمان بالتوحید والنبوة، وصرح المتکلمون لاحقاً أنّ الله حدد مصیر کل إنسان ولا تغییر فی مشیئته، وهذا ما یصطلح علیه بالجبر(6).

وقال غوستاولبون: ما ورد فی القرآن من آیات فی القضاء والقدر ومذهب الجبر، والإنسان الذی یؤمن بالقدر کمن علق فی الهواء لتبعث به الریح هنا وهناک; والإیمان بالقدر یسلب الإنسان إرادته واختیاره فی العمل والقول والسکون والحرکة فیفوض زمام أموره لقوة عنیفة، فمثل هذه الأمّة لا تستفید من قدراتها الطبیعیة ولیس لدیها من دافع للسعی والعمل، فهی تتجه من عالم الوجود إلى العدم»(7).

ولعل انتشار هذه التهم والإفتراءات والإستنتاجات الخاطئة فی الأوساط الأوربیة دفعت بالمرحوم السید جمال الدین الأسد آبادی حین أقامته فی باریس إلى تصنیف رسالة فی الدفاع عن مسألة القضاء والقدر لینشرها فی المجلة الأسبوعیة «العروة الوثقى» حیث جاء فیها:

«فظنّ البعض من الأوربیین أنّ لا فرق بین القضاء والقدر والمذهب الجبر، والإنسان الذی یؤمن بالقدر لکن علق فی الهواء لتبعث به الریح هنا وهناک; والإیمان بالقدر یسلب الإنسان إرادته واختیاره فی العمل والقول والسکون والحرکة فیفوض زمام أموره لقوّة عنیفة، فمثل هذه الأمّة لا تستفید من قدراتها الطبیعیة ولیس لدیها من دافع للسعی والعمل، فهی تتجه من عالم الوجود إلى العدم»(8).

 

 

1. سورة النجم، الآیة 39.
2. بحار الأنوار، ج 5 ، ص 105، نقلاً عن خصال الصدوق.
3. توحید الصدوق، ص 369.
4. عیون أخبار الرضا، ص 78; وبحارالانوار، ج 5، ص 12.
5. تاریخ الطبری، ج4، ص 57 طبعة دار المعارف، شرح حوادث عام 17هـ ; وشرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید، ج8، ص 300.
6. تاریخ آلبرماله، ج 3، ص 99.
7. حضارة العرب والمسلمین، ص 141 .
8. العروة الوثقى، ص 50 و 51.

 

13-فلسفة البلاء15-مفهوم السمع والبصر بالنسبة لله
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma