السؤال:

هنالک بعض الأفراد من القرابة ممن لا یراعون الموازین الشرعیة فی حیاتهم فهل یجوز التواصل معهم؟ وهل نحن مکلّفون برعایة صلة الرحم فی هذه الحالة؟

الجواب:

نعلم أنّ الأسرة مجتمع صغیر، وکما أنّ لتماسک ومتانة علاقات المجتمع الکبیر دوره فی تقدم الإنسان مادیاً ومعنویاً، کذلک لهذا المجتمع الصغیر دوره المؤثر، ومن هنا أولى الإسلام بصفته دینا اجتماعیاً موضوع صلة الرحم (التی تعنی تقویة وترسیخ الروابط الاجتماعیة والأسریة) أهمیة فائقة حتى اعتبرها من الواجبات واعتبر قطعها من المحرمات والکبائر.

ویکفی فی هذا الأمر ما أکّده القرآن کراراً أنّ الإنسان سوف یسأل یوم القیامة عن هذا الواجب، حیث قال: (وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِی تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالاَْرْحَامَ إِنَّ اللهَ کَانَ عَلَیْکُمْ رَقِیباً)(1).

ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام) قال: إنّ رجلاً أتى النبی(صلى الله علیه وآله) قال: یارسول الله أهل بیتی أبوا إلاّ توثّباً علیّ وقطیعة لی وشتیمة فارضهم؟ قال(صلى الله علیه وآله): إذاً یرفضکم الله جمیعاً، قال: فکیف أصنع؟ قال: «تصل من قطعک وتعطی من حرمک وتعفو عمّن ظلمک، فإنّک إذا فعلت ذلک مان لک من الله علیهم ظهیر»(2).

کما صرح النبی(صلى الله علیه وآله)بأهمیة هذا الموضوع فی موضع آخر حتى قال: «أوصی الشاهد من أُمتی والغائب منهم ومن فی أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى یوم القیامة أن یصل الرحم وإن کانت منه على مسیرة سنة، فإنّ ذلک من الدین»(3).

وأن تؤدوا هذه الفریضة ولو یتحمل عناء السفر وأداء هذا الدَّین الأخلاقی والاجتماعی.

طبعاً لا شک فی أنّ أداء أی واجب مشروط بعدم زوال المسائل الأهم، ولا یستثنى من هذا القانون موضوع صلة الرحم. فزیارة الأفراد الذین لا یراعون الموازین الشرعیة وصلتهم إن أدّى إلى إعادة نظرهم فی أمور حیاتهم والعودة إلى الالتزام بمقررات الدین أو على الأقل لم یکن لهذه الصِلة من أثر سیء على روحیة الأفراد ووضعهم العائلی کانت صلة الرحم هذه ضروریة وواجبة.

ولکن إن کان العکس بحیث أدّت صلة الرحم إلى تأثر الشخص بالمفسدین وأفکارهم المنحرفة، فما علیه إلاّ التخلّی مؤقتاً عن هذه الفریضة رعایة لأمر أهم وعدم تعرض عقائده إلى الخطر.

1. سورة النساء، الآیة 1.
2. اصول الکافی، ج 2، ص 150، ح2.
3. المصدر السابق، ح5.