السوال:
لم اعتبر الفقهاء فی رسائلهم، المشروبات الکحولیة نجسة، والحال أنّ الکحول مضاد للتعفن ویقضی على المکروبات، فما حکمة کونه نجسة؟
الجواب:
إنّ ما حکم الإسلام بنجاسته ینطوی على عدّة عوامل:
الطائفة الأولى: الأشیاء النجسة ذاتاً ومصدر العدید من الأمراض ـ کالبول والدم و... ـ فأوجب الإسلام اجتنابها.
الطائفة الثانیة: الأشیاء غیر النجسة ظاهریاً، لکنّها نجسة معنویاً، فعدّها الإسلام غیر طاهرة ـ کالکفّار ـ فربّما یکون الکافر طاهر ونظیف ظاهریاً، ولکن کما قیل فی جواب الالسوال السابع عشر حیث له عقائد منحرفة فهو ملوث روحیاً ولا یطهر هذا التلوث مهما تنظف ظاهریاً ـ وقد حکم الإسلام بنجاسته لحفظ عقائد المسلمین لیحول دون الاختلاط به فیحافظون على طهارتهم الروحیة، ولو لم یحکم بنجاسته واذن بالارتباطات کافّة به لتأثر العدید من الأفراد الضعاف بأفکاره وعقائده(1).
أضف إلى ذلک فإنّ الاختلاط التام به یدعو إلى تغلغله فی المجتمعات الإسلامیة وتتسع الخطط الاستعماریة، أمّا الاختلاط المحدود فلم ینه عنه الإسلام واذن بالانفتاح التجاری والعلمی على هذه الطائفة.
الطائفة الثالثة: الموضوعات التی لا تتضمن ما سبق لکنها أساس سلسلة من المفاسد الاجتماعیة والفردیة کالمشروبات الکحولیة صحیح أنّ الکحول مضاد للتعفن، إلاّ أنّ شرب هذا الکحول یؤدّی إلى العدید من الاختلالات. ولذلک حکم الإسلام بنجاسته لیحول بالتالی دون استعماله من قبل الناس. فالإنسان المسلم إن عَلِم بنجاسة شیء سعى إلى الابتعاد عنه، ومن الواضح أنّ لهذا الأمر تأثیر عمیق فی عدم التلوث بالمشروبات الکحولیة، وهذا بحدّ ذاته حرب شعواء على المشروبات الکحولیة(2).