1-کیف یتکیف القانون الإسلامی الثابت مع العالم المتطور؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
اجوبة المسائل الشرعیّة
19-هل یحتاج العالم فی بقائه إلى الله؟2-القرآن وختم النبوة

السوال:

هنالک حرکة تطور وإزدهار تعیشها المجتمعات، فکیف یمکن إدارة شؤون هذه المجتمعات المتغیرة بقوانین الإسلام الثابتة؟

الجواب:

یساور هذا الالسوال ذهن کل فرد له أدنى معرفة بالعلوم الاجتماعیة ولمس عن قرب تغییر عادات وتقالید وتقنیة المجتمعات. وناهیک عن ذلک، فإنّ هذا الالسوال من بین الأسئلة التی طرحت بشأن خاتمیة النبوّة فی الإسلام، وقد وردت أبحاث مسهبة بهذا الشأن من قبل العلماء الأعلام، کما تضمّنت المدرسة الإسلامیة عدداً من هذه الأبحاث.(1)

ولعل هذا الالسوال بعض الإیرادات التی أثارها بعض المسیحیین. فمثلاً البروفسور «جان الدر» أورد هذا الالسوال فی مقام إلتماسه العذر لعدم إتیان المسیح بالقوانین الاجتماعیة للبشریة فی مقدمة کتابه «تراث الکتاب المقدس» وقال: لا یمکن إدارة المجتمعات المتطورة بسلسلة من القوانین الأبدیة، ومن هنا فوّض المسیح للمجتمعات سن قوانینها لتکیفها مع عجلة الزمن.

وکأنّ هذا البروفسور «جان الدر» أراد أن یدافع عن نقص المسیحیة الراهنة ویتعرض للإسلام الذی یتبنى القوانین والمقررات الاجتماعیة. والحق أنّ أنصار المسیحیة عجزوا عن تقدیم تفسیر منطقی لإفتقار المسیحیة الراهنة لإطروحة جامعة للحیاة. على کل حال ما ینبغی أن یقال فی جواب هذا الالسوال أنّ فی الإسلام نوعان من القوانین:

1 ـ قوانین ثابتة وعامة وبالتالی أبدیة ودائمیة ولیس للتغییر من سبیل إلیها.

2- قوانین متحرکة ومتطورة تتماشى وتغیر الظروف والمقتضیات، والمهم بیان ملاک القوانین الثابتة والمتغیرة وتمییزهما عن بعضهما.

التوضیح: أن القوانین الثابتة والتی تأبى التغییر وقد نصت علیها المصادر الفقهیة الإسلامیة إنّما تتعلق بذلک القسم من القضایا الأخلاقیة والشؤون الاجتماعیة والحقوق المدنیة والجزائیة التی تستند إلى الاصول الفطریة والغرائزیة الإنسانیة الثابتة والتی تشترک فیها کافّة المجتمعات البشریة ـ أمّا تلک السلسلة من المقررات المرتبطة بالشرائط الزمانیة والمکانیة الخاصة والنسبیة فی المجتمعات، فقد تکفّلت القوانین الإسلامیة بطرح المبادئ الکلیة، والتی یتمّ تعیین جزئیاتها من قبل المعنیین المسلمین على ضوء حاجة المجتمعات والأمم. ولتوضیح نماذج هاتین الحالتین وبیان ملاک القوانین الثابتة والمقررات المتغیرة، لابدّ من الإلتفات إلى الآتی:

إنّ لکل إنسان ـ بغض النظر عن الظروف الزمانیة والمکانیة المختلفة ـ غرائز ومتطلبات تعکس وتبیّن وجوده وتمیزه عن الحیوانات، وهذه الغرائز ـ والتی یصطلح علیها بالأمور الفطریة ـ تشکل جزءاً من حقیقة وجوده والتی لا یعتریها التغییر بفعل الزمان. فمثلاً الإنسان موجود اجتماعی خلق لأن یعیش بصورة جماعیة. کما یحتاج فی حیاته إلى تشکیل أُسرة ویتعذر علیه دون هذا المجتمع المصغر ممارسة حیاته. وبناءً على هذا فإنّ المبدأین ; أی حیاة الإنسان فی ظل هذا المجتمع «الکبیر» و «الصغیر» تشکلان جزء حقیقته الوجودیة ولا تنفصلان عنه قط; وعلى هذا لابدّ من ثبات القوانین المتعلقة بإقرارالنظم وبسط العدالة

الاجتماعیة والعلاقات الحقوقیة للأفراد ووظائف الزوج والزوجة إزاء بعضهما; ذلک لأنّ قضیة «اجتماعیة» الإنسان لن تتأثر بفعل التطورات التی تجتاح حیاة المجتمعات البشریة; وعلیه فالقوانین التی تتعامل مع مسألة اجتماعیة تأبى التغییر بأی شکل من الأشکال. إلى جانب ذلک فإنّ حیاة الإنسان قائمة على أساس قانون التکامل خلافاً لسائر الکائنات والأحیاء التی تعیش بصورة جماعیة کالنحل والنمل، ومن هنا فإنّ القوانین المتعلقة بأصول تکامل المجتمع لابدّ أن تکون ثابتة ولا تعرف من معنى للتغییر.

والعلاقة القائمة بین الوالدین والأطفال علاقة فطریة وطبیعیة، فالقوانین التی تسن بهذا الخصوص ـ کالإرث والتربیة ـ لابدّ أن تکون ثابتة وأبدیة. وهنالک العدید من هذه النماذج التی تدل على أنّ الفطرة والغرائز المتأصلة لدى الإنسان تشکل محور القوانین الإسلامیة، صحیح أنّ صورة المجتمع تشهد تغیّراً کل عصر، لکن إنسان القرن العشرین هو نفسه إنسان القرن العاشر من حیث الفطرة والغریزة والدوافع الطبیعیة الثابتة، وأنّ غرائزه وخصائصه الوجودیة تأبى التبدل والتغییر. وعلى هذا الأساس وضع الإسلام مقرراته الثابتة فی هذه المجالات من قبیل حقوق أبناء المجتمع وعلاقاتهم الاجتماعیة والروابط الأُسریة والزواج والتجارة والأمور المالیة. وبغض النظر عن ذلک فإنّ هنالک سلسلة من المصالح والمفاسد الفردیة والاجتماعیة الثابتة التی لا یعتریها التغییر مع مرور الزمان، فلابدّ لهذه الأمور من قوانین ثابتة; على سبیل المثال أنّ الکذب والخیانة والتحلل والتفسخ الأخلاقی سیئة على الدوام ممیتة لروح المجتمع.

ومن هنا فإنّ حرمتها أن تکون أبدیة ودائمیة، ذلک لأنّ المجتمع قد یعیش حالة من الرقی والتطور إلاّ أنّ أضرار هذه الأفعال لا تتبدل ; کما أنّ القوانین ذات الصلة بتهذیب النفس والفضائل الأخلاقیة والملکات النفسیة کالقیام بالتکلیف والحس الإنسانی ورعایة العدل ومئات الخصال ینبغی أن تکون أبدیة ودائمیة ولیس للتغییر والتبدل من سبیل إلیها. وعلیه فإنّ القوانین الواردة بشأن هذه المسائل وأمثالها والتی سنّت قبل ألف واربعمئة سنة على ضوء الفطرة والغرائز البشریة بالاستناد إلى واقعیة خاصة ترتکز على معرفة حقیقة الإنسان وتقییم غرائزه سوف تتمکن من إدارة المجتمع الراهن والمجتمعات القادمة على أحسن ما یرام. هذا بشأن القوانین الثابتة.

إضافة إلى الغرائز الثابتة والمتجذرة لدى الإنسان هنالک بعض الأمور التی تتأثر بالظروف الزمانیة والمکانیة وتتغیر تبعاً لتغیرها. وعلیه فلابدّ أن تکون المقررات ذات الصلة بهذه الأمور متغیّرة; وعلى هذا الأساس فإنّ الإسلام لم یضع أحکاماً معینة لهذا النوع من المواضیع، فهی متکیفة والظروف المستجدة. طبعا تغیر هذه المواضیع وتبدلها لا یعنی عدم شمولها بأی قانون، بل لابدّ من استخراج هذا القسم من المقررات من خلال سلسلة من المبادئ الکلیة. ونستعین ببعض الأمثلة لتوضیح حقیقة الموضوع:

مثلاً لا یمکن للحکومة الإسلامیة أن تتخذ موقفاً معیناً فی ارسائها لعلاقاتها مع البلدان الخارجیة، فقد تتطلب الظروف أحیاناً التعامل والانطلاق من الصداقة والود وإشاعة أواصر الصداقة وتعزیز العلاقات التجاریة، بینما تقتضی بعض الظروف حالة من التشدد بما فی ذلک قطع العلاقات وایقاف التبادلات التجاریة وتعلیقها لمدّة من الوقت، ولعل أبرز مصداق لذلک قضیة تحریم التنباک التی لجأ إلیها أحد کبار المراجع إزاء دولة استعماریة محتکرة. کما لیس للإسلام من أحکام خاصة بشأن المسائل الدفاعیة ونوع الأسلحة الحربیة وکیفیة التعامل مع استقلال البلاد وسیادتها والحیلولة دون طمع الأعداء فیها: بل لابدّ أن تتعامل الحکومة الإسلامیة مع بعض المقررات والأحکام على ضوء الأوضاع والظروف القائمة وتتخذ کل ما من شأنه ضمان مفاهیم الإسلام.

وعلى هذا الأساس فإنّ الإسلام وضع أصلاً کلیاً بشأن تقویة البنیّة الدفاعیة دون الخوض فی نوع الأسلحة والتکتیک فقال: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة...)(2). وقوله فی ذیل الآیة من ضرورة أعداد القوّة یهدف إلى بیان المصداق السائد آنذاک، وذلک لأنّ أقوى وسیلة آنذاک کانت الخیول. کما لم یضع مقررات بشأن القضایا المرتبطة بالثقافة وتطویر العلوم وکیفیة حفظ الأمن القومی وبسط الإستقرار و... وأوکل ذلک إلى الحکومة الإسلامیة. فقد اکتفى الإسلام بالحث على تعلم العلوم النافعة وطالب بتنمیة الثقافة الإسلامیة والإنسانیة، ذلک لأنّ وسائل طلب العلم وکیفیة النهوض به متغیرة على ضوء الظروف الزمانیة والمکانیة وتطور الأوضاع. وهنا لابدّ من الإلتفات إلى أنّ تشخیص الأحکام الثابتة من المتغیرة من اختصاص مراجع الدین، ولا یمکن لأی شخص ابداء وجهة نظره بهذه الأمور دون الرجوع إلى العلماء الأعلام.


1. راجع المجلة رقم 5 و6 و7 السنة الثانیة و المجلة رقم 11 السنة السادسة.
2. سورة الأنفال، الآیة 60.

 

19-هل یحتاج العالم فی بقائه إلى الله؟2-القرآن وختم النبوة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma