16-سر خلق الإنسان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
اجوبة المسائل الشرعیّة
15-مفهوم السمع والبصر بالنسبة لله17-هل الاعتقاد بوجود الشیطان دلیل على الشرک؟

السوال:

عادة ما یتساءل أغلب الناس ولا سیما شریحة الشباب: ما سر خلق الإنسان وما الهدف من خلقه؟ وکان هذا الالسوال یعشعش فی نفوس أغلبیة هذا الجیل فیدفعهم للبحث عن الجواب الشافی وکأنّ الأفکار التی تساور أذهانهم: أنّ الله غنی ولا متناه ولا یحتاج إلى شیء حتى خلق موجوداً آخر، فلماذا خلق الإنسان وما حاجته لخلقه؟

فإنّ قیل لیس هنالک هدف من خلق الإنسان فلابدّ من الاعتراف فی هذه الحالة بأنّ خلقه کان عبثاً وتعالى الله عن ذلک علواً کبیراً، وإن قیل بأنّ الله خلق الإنسان لهدف فیلزم من ذلک أنّ الله خلق الخلق لرفع حاجة، فی حین أنّ الله منزّه عن کل حاجة !

الجواب:

لابدّ من الإشارة إلى موضوعین مهمّین بغیة الوقوف على الجواب الشافی لهذا الالسوال:

1 ـ لابدّ من الإلتفات بادئ الأمر إلى أنّ هذا الالسوال یطرح بصیغة عقدة مستعصیة حین نحصر دائرة الوجود بعالم المادة ونقتصر بالوجود على الأنظمة المادیة والظواهر الطبیعیة ونرى الموت نهایة الحیاة ولا نقرّ بعالم آخر یصطلح علیه بیوم القیامة. فالالسوال فی هذه الحالة یتحول إلى إشکال حیث یعمد المرء یسأل نفسه عن سر خلق الإنسان.

لماذا یفتح الإنسان عینیه فی هذا العالم وتطوى صحیفة عمره بعد سنوات ـ غالباً ما یقضیها بالألم والحسرة والمرارة ـ ویغادر هذا العالم «من أین جاء ولماذا جاء؟» وماذا کان الهدف من تلک الحیاة التی لم تدم سوى عدّة سنوات وما فلسفة هذه المدّة المؤقتة ! ولماذا یطأ الإنسان هذا العالم ! ثم تتوقف حرکته بعد استهلاکه لمقدار من الماء والغذاء فیدفن تحت التراب ویتعفن ویتحول فی نهایة المطاف إلى مجموعة عظام، وکأنّه لم یرد على هذا العالم ویعمر فیه ! حقاً تبدو المدرسة المادیة عاجزة إزاء هذه التساؤلات ; ذلک لأنّها حصرت عالم الوجود بالمادة والظواهر المادیة دون أن تؤمن بالله والیوم الآخر، وعلى هذا الأساس فهی لا ترى سوى هذه الجدران الأربعة لعالم المادة وکل ما یتحرک فیه، وبالتالی لا یسعها تقدیم أی تفسیر بهذا الشأن دون أن تخفی ذهولها ودهشتها لهول ما یحدث. إلاّ أنّ هذه الأسئلة تبدو سهلة بالنسبة لأولئک الذین یعتبرون الحیاة المادیة منزلاً من منازل الحیاة البشریة ویؤمنون بوجود عالم آخر وراء هذا العالم الذی یعتبر مقدمة إلیه وأنّ الموت لیس نهایة الحیاة، بل بوابة للعالم الأخر وقنطرة للفوز بالخلود، وأن تعذر علیهم إدراک هدف خلق الإنسان من خلال ملامحه فی هذا العالم فسیبحثون قطعاً عن هدف خلقهم فی العالم الآخر والحیاة الأبدیة ویقولون بأنّ الهدف من خلق الإنسان فی هذا العالم، إعداده لحیاة أبدیة وخالدة والتی تمثل الهدف النهائی والغایة المطلوبة.

2 ـ الموضوع الآخر الذی ینبغی الإلتفات الیه والذی یعد الخطوة الثانیة لحل الالسوال هو: أنّ کل إنسان عاقل إنّما یقوم بأی فعل بغیة تحقیق هدف هو بحاجة إلیه، ذلک لأنّ الإنسان کائن محتاج من رأسه حتى أخمص قدمیه، وبالطبع فإنّه یقوم ببعض الأنشطة والأعمال لیسمو ویتکامل ویلبی حاجته، فمثلاً یتناول الطعام ویشرب الماء ویلبس الثیاب ویتعلم لیلبی بعض حاجاته المادیة والمعنویة. حتى أفعال البر والخیر التی یمارسها من قبیل مساعدته للمحتاجین وتغطیته لنفقات أولاده بغیة التعلیم والتربیة وبنائه للمدارس والمستشفیات، کل ذلک لسد حاجة یشعر بها فی باطنه، وهو یفعل ذلک إمّا للحصول على الأجر والثواب الدنیوی والآخروی الذی بشر به الأنبیاء والرسل، أو لدفع ألم یشعر به أثر رؤیته لبعض الأوضاع المزریة التی یعانی منها الفقراء والمعدومون والتی یرق لها القلب، فهو ینفق بعض رأس ماله لإضفاء السکینة على وجدانه، أو یفعل ذلک للحصول على السمعة والشهرة التی یراها سبب تکامله.

وزبدة الکلام: إنّ الإنسان إنّما یقوم بأفعاله إمّا لحصول نفع أو دفع ضرر یشعر به فی ترک العمل ویبحث عن منافعه وتکامله فی کافّة هذه الأفعال إلى درجة أنّه یتعذر أن یقوم الإنسان بعمل من أجل ذات العمل دون أن یأخذ بنظر الاعتبار تکامله المادی والمعنوی(1).

والآن بعد أن وقفنا على دوافع الإنسان فی أعماله واتضح حصول أعماله لتحقیق هدف ، لن تکون نتیجته سوى تکامله الروحی والجسمی، لابدّ أن نسلط الضوء على هدف الله من أفعاله. صحیح أنّ الذات الإلهیّة منزهة عن فعل اللغو والعبث وأنّها هادفة فی أعمالها کافّة ، وقد خلق الله کل کائن لهدف، ولکن ینبغی معرفة الهدف من أفعال الله وماذا یعنی هذا الهدف. فقولنا إنّ خالق الکون إنّما خلق کل کائن فیه لهدف، لا بالمعنى الذی أوردناه بشأن أعمال الإنسان، بل هنالک بون شاسع بین هدف الله وهدف الإنسان من الأعمال. وعلى ضوء الفارق بین الله والإنسان فی أنّ الله غنی وغیر محتاج، والإنسان محتاج مطلق، یتبیّن أنّ الهدف من أفعال الله معان أخرى تقابل بالضبط ما ذکر بشأن هدف الإنسان. فلما کان الإنسان فقیراً ومحتاجاً ولا تتوقف حاجاته لخارج ذاته ولو للحظة، کان علیه أن یجد ویجتهد على الدوام لرفع حاجاته وبلوغ تکامله. ولکن حیث إنّ الله وجود مطلق ولا متناه فالفقر والحاجة لیس لها من سبیل إلى ذاته المقدّسة، ذلک لأنّها تنطوی على جمیع الکمالات. وعلى هذا الأساس ینبغی أن یکون هدفه من أفعاله «إیصال المنافع للآخرین».

وبعبارة أوضح: أنّ الله وجود مطلق وغنی وکامل من جمیع الجهات ولیس للنقص والحاجة من سبیل إلى ذاته المقدّسة، ومن جانب آخر نعلم أنّ أفعاله تستند إلى المصلحة والحکمة وذاته منزّهة عن فعل العبث، وعلى هذا الأساس نستنتج أنّ خلقه للإنسان لم یکن هدفه رفع حاجة عن نفسه، ومن المسلم به أنّ الأمر إنّما یعود إلى نفس الإنسان ; والهدف إیصال هذا الإنسان إلى کماله المطلوب، دون أن یکون لهذا التکامل الذی یبلغه الإنسان أدنى انعکاس على ذاته المقدّسة.

التکامل فی عالم الطبیعة:

إنّ مطالعة مجملة فی عالم الخلیقة توقفنا على حقیقة لالبس فیها، وهی: أنّ العالم بأسره مهد سمو وتکامل المخلوقات وإن تکامل کل مخلوق یتمّ بسبب تکامل مخلوق أسمى. فمثلاً تشرق الشمس وتنشر حرارتها على سطح البحار والمحیطات فتبعث بمقدار من میاه البحار إلى الأعلى بهیئة بخار فإذا ارتفع ارتطم به الهواء والریاح لیسوقه إلى المناطق الجافة، ثم یتحول البخار بفعل سلسلة من العملیات الفیزیائیة إلى قطرات مطر تتساقط على الأرض فتسبغ الحیاة على سطح الأرض الهامدة فتهتز لتناغم السهول والصحارى فتنثر الزهور والسنابل وتفیض بالعیون والشلالات وتلبس حلتها الخضراء لتسحر بمناظرها الجمیلة الخلابة أبصار الناظرین. ولعل مطالعة هذا الفصل من کتاب الوجود تعلم الإنسان أروع وأسمى درس فی معرفة الله، کما یرشده إلى سنة الله الحکیمة لیرى بأم عینیه کل کائن ومخلوق من جماد ونبات وحیوان یحث الخطى نحو کماله بحیث تتجمد هذه الحرکة التکاملیة کل یوم وکل عام لتتحول من صور ناقصة إلى صور متکاملة. فالشجرة العملاقة لم تکن یوماً أکثر من خلیة ثم قطعت مسیرة ضخمة لتتحول إلى ذلک الشکل. وکذلک الجنین فی البیضة الذی شق طریقه فی ظل تدبیر الله وحکمته لیبلغ تلک المرحلة المتکاملة. وکان هذا العالم أعظم مهد لبلوغ مختلف الکائنات رقیها وتکاملها.

والإنسان أیضاً جزء من هذه الخلیقة وأروع ثماره القیمة النفیسة مشمول بهذا القانون ویشارک سائر الکائنات مسیرتها التکاملیة، ولیس هنالک من هدف یقف وراء خلقه سوى بلوغ تکامله المنشود ; وعلیه أن یطوی مسیرته التکاملیة بمحض إرادته واختیاره. بل یمکن القول إنّ العالم برمته خلق لأجله لیوظف إمکاناته کافّة بغیة تکامله. وعلیه فإنّ الله لم یخلق الإنسان لیرفع عنه نقصاً معیناً، بل خلق الإنسان لیبلغ به کماله ورقیه.

وأوضح من ذلک: خلق الإنسان لیبلغ به أسمى درجات الکمال على مستوى العلم والحکمة والقدرة والإرادة والتفکیر، فیکون بهذه الکلمات المحدودة عاکساً لکلمات الحق المطلقة واللامتناهیة. لقد خلق الإنسان وأودعه استعدادات وقابلیات عظیمة ونصب له الأنبیاء والرسل أمناء على تعلیمه وتربیته لیبلغ تکامله فی ظل عبودیة الله واتباع أوامره فیکون مستعدا للتفاعل مع تلک الحیاة الأکمل فی العالم الأشمل.

وقد صرحت بعض الآیات القرآنیة والروایات الإسلامیة بما أوردناه سابقاً; فالقرآن یصرح بأنّ الهدف من خلق الإنسان هو تلک الحیاة والسعادة الأبدیة الآخرة (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاکُمْ عَبَثاً وَأَنَّکُمْ إِلَیْنَا لاَ تُرْجَعُونَ)(2). والمراد عدم التعامل مع الهدف من خلق الإنسان على ضوء هذه الحیاة المادیة الضیقة، بل لابدّ من النظر إلیه على ضوء العالم الآخر، ولنعلم أنّه بموته سیواصل مسیرته التکاملیة ویتجه نحو الله الکمال المطلق. ولعل الهدف الذی صرحت به الآیة الشریفة: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالاِْنسَ إِلاَّ لِیَعْبُدُونِ)(3). والذی یتمثل بالعبادة لایعنی حاجة الله لطاعة عباده، بل المراد أنّ الإنسان إنّما یبلغ تکامله المنشود من خلال العبودیة وطاعة أوامر الله ; وهذا ما یقوده بالتالی إلى السعادة الأبدیة، وبالطبع فإنّ الفوز بالحیاة الأبدیة الممزوجة بالسعادة والخیر لتشکل الهدف الغائی والذی لا یدعنا نتطلع إلى هدف آخر ویصدنا عن الالسوال ثانیة، قد یقال لماذا لم یمنح الله الإنسان کل هذه الکمالات دفعة واحدة، ولماذا خلقه محتاجاً لیبلغ کماله المنشود من خلال السعی والعمل؟

والجواب واضح فی أنّ السمو الأخلاقی إنّما یکون ممدوحاً ویعتبر کمالاً حین یحصل علیه الإنسان بوحی تام من حریته واختیاره وإرادته، وأمّا أن فرض هذا الکمال على الإنسان فلن یکون فضیلة أخلاقیة وملاکاً للتفاصیل، فمساعدّة الضعفاء واعانة الفقراء وبناء المستشفى إنّما یکون دلیلاً على التکامل الروحی حین یمارس الإنسان هذه الأفعال بمحض حریته وإرادته، ولو أخذت بعض الأموال قسراً من إنسان وانفقت فی هذا المجال، فهی لیست فضیلة خلقیة له قط ولا یستحق بعمله هذا أی مدح أو ثناء. وبناءً على هذا فإنّ الإنسان لابدّ أن یسلک بإرادته سبیل الفضیلة لیبلغ تکامله الروحی المنشود.


1. نعم أولیاء الله یمکنهم التجرد من هذه الروح فیقومون بأفضل الأعمال لذاتها دون أدنى تفکیر بمنافع العمل المادیة والمعنویة. وما أکثر مثل هذه الأعمال التی یمکننا لمسها فی حیاة أولیاء الله ولا سیما حیاة أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) فهو الذی قال: اللهم انی لم أعبدک طمعا فی جنتک ولا خوفاً من نارک، لکنّی وجدتک أهلا للعبادة فعبدتک. فمثل هؤلاء الأولیاء المولعون بالعبادة والذائبون فی کمالات معبودهم، إنّما یغفلون عن أنفسهم حین العبادة، فیعبدوه لأنّه أهلاً للعبادة. ولعلنا نجد شبیه ذلک عاطفة الأم التی قد تبدو على درجة من السمو بحیث تلتصق ساعة الشدّة بولدها بما یجعلها غیر آبهة بما یحدق بها من أخطار، ولذلک فهی تضحی بنفسها من أجل ولیدها.
2. سورة المؤمنون، الآیة 115.
3. سورة الذاریات، الآیة 56.

 

15-مفهوم السمع والبصر بالنسبة لله17-هل الاعتقاد بوجود الشیطان دلیل على الشرک؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma