السؤال:
ما المراد من قوله تعالى: (رَبُّ الْمَشْرِقَیْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَیْنِ)؟(1)
الجواب:
ورد استعمال المشرق والمغرب فی القرآن بصیغة التثنیة: (رَبُّ الْمَشْرِقَیْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَیْنِ) وبصیغة الجمع: (فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ)(2)ویقول فی موضوع آخر: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِینَ کَانُوا یُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الاَْرْضِ وَمَغَارِبَهَا...)(3) وعلیه فالمشرق والمغرب بصورة الجمع یفید تعدد الأفراد وبصیغة التثنیة یفید فردین.
وقد ذکر المفسرون معنیین;
الأوّل: أنّ المراد من المشرقین والمغربین مشرق ومغرب نصفی الکرة الأرضیة; أی الشمالی والجنوبی أو الشرقى والغربی، حتى عدّ البعض إشارة إلى نصف کرة جدیدة، أی «قارة أمریکا» قبل اکتشافها وهذا خارج عن موضوع البحث. والمراد من المشارق والمغارب مختلف نقاط الکرة الأرضیة حیث إنّ کل نقطة مشرق بالنسبة لنقطة، ومغرب بالنسبة لأخرى.
وبعبارة أخرى فإنّ أحد خواص الکرة أنّ کل نقطة منها مشرق بالنسبة للنقطة المقابلة للمغرب، ومغرب بالنسبة للنقطة المقابلة للمشرق، ومن هنا اعتبر البعض هذه الآیات إشارة لکرویة الأرض.
الثانی: أنّ المراد من تعدد المشرق والمغرب هو تعدد نقطة الشروق والغروب الحقیقیین للشمس; ذلک لأنّ الشمس تشرق یومیاً من نقطة وتغرب فی أخرى. وعلیه لو أخذنا مجموع المشارق والمغارب لعبرنا بصیغة الجمع، وإن أخذنا آخر نقطة المیل الأعظم الشمالی للشمس (أول الصیف) وآخر نقطة المیل الأعظم الجنوبی (أول الشتاء) للزم التعبیر بصیغة المثنى، وهذه إحدى روائع القرآن الکریم فی إلفاته الإنتباه إلى الأسرار العظیمة للخلق بعبارة قصیرة; لأننا نعلم أنّ لتغییر شروق وغروب الشمس تأثیراً عظیماً فی تنمیة النباتات والزهور والثمار وبصورة عامة الأحیاء کافّة.