السوال:
إنّ الإسلام دین العلم والمعرفة، فلماذا یُحرّم بعض الکتب «کتب الضلال»؟
الجواب:
نعلم أنّ الإسلام دین العلم والمعرفة، ویحث هذا الدین السماوی الناس على کسب العلوم والمعارف، ویعتبر رقی الفرد والمجتمع مرهوناً بالعلم والمعرفة، ولکن فی نفس الوقت یرکز الإسلام على نقطة أساسیة وهی، کما ینبغی حفظ المجتمع من الأخطار المادیة کالأمراض المعدیة، فلابدّ من حفظه من عوامل الانحراف الفکری والمعنوی. والأفراد فی المدنیة المعاصرة أحرار فی اعتناق أیّة عقیدة وفکر منحرف ما لم یخل بالنظام المادی للمجتمع، غیر أنّ القضیة لیست کذلک فی الإسلام، حیث یسعى الإسلام لخلق مجتمع یحث الخطى نحو التکامل المعنوی والأخلاقی.
وعلى هذا الأساس یتضح سبب حظر الإسلام لقراءة کتب الضلال التی تمس العقیدة والخلق الأصیل. فلو کانت قراءة هذه الکتب سیاحة للجمیع فما الضمان لعدم الانحراف الفکری والأخلاقی؟
ومن هنا لم یسمح الإسلام بتداول ونشر کتب الضلال فی الأوساط العامة، بکل حریة و تطالع من قبل عامة الناس مع ذلک وعلى ضوء تبنی هذا الدین للعلم والمعرفة، فإنّ الإسلام لم یحظر مطالعة هذه الکتب على العلماء الذین یمتلکون القدرة على تمییز الحق من الباطل. ولیس للعلماء حق مطالعة هذه الکتب فحسب، بل یجب علیهم مطالعتها لیتعرفوا على منطق الخصوم کما ورد فی هذه الکتب فیهبوا لتفنیده بالطرق الصحیحة، والتاریخ الإسلامی حافل بالعدید من الاحتجاجات بین علماء الدین وخصومهم من غیر المسلمین، وقد خاض بعض الأعلام فی جمع هذه المناظرات من قبیل صاحب کتاب «الاحتجاج»(1)، وهذا دلیل على أنّ حرمة کتب الضلال فی الإسلام لیست بمعنى قتل حریة الفکر ومناهضة العلم; حیث کان أئمّة الدین یعتمدون المنطق والبحث الحر فی الردّ على العقائد الخاطئة، لا من خلال خلق الارهاب الفکری والعقائدی.