1 ـ نظام القیم فی الإسلام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
آیـات الولایـة فی القرآن
توصیات آیة خیر البریّة2 ـ تاریخ ظهور الشیعة

 إنّ قیمة کلُّ دین أو مذهب تکمن فی منظومة القیم لذلک الدین أو المذهب، وببیان أوضح : إنّ کلُّ دین أو مدرسة فکریة وفلسفیة تدور حول محور أساسی، وذلک المحور یکون بمثابة النظام القیمی والمعیار الذی ترسل فیه معالم ذلک الدین والمدرسة الفکریة، وکمثال على ذلک :

 الف : ذکرت الآیات الکریمة فی حدیثها عن منظومة القیم الأخلاقیة للمجتمع الفرعونی الطاغوتی کما ورد ذلک فی الآیة 51 من سورة الزخرف على لسان فرعون :

 (وَنادى فِرْعَوْنُ فِی قَوْمِهِ قالَ یا قَوْمِ أَلَیْسَ لِی مُلْکُ مِصْرَ وَهذِهِ الاَْنْهارُ تَجْری مِنْ تَحْتِی أَفَلا تُبْصِروُنَ).

 هنا نرى أن فرعون یفتخر بتسلطه على مصر واستلامه زمام الاُمور فی حکومة مصر، تلک الحکومة المستبدة والدیکتاتوریة، وهذا السیاق القرآنی یعبّر فی الحقیقة عن نظام القیم فی حکومة فرعون، وعلى هذا الأساس فالإنسان الجیّد فی نظر فرعون والفراعنة هو الحاکم والمتسلط على الناس حتّى لو کان متوغلاً فی الفساد والجریمة والظلم، أما الإنسان السافل والساقط فهو من یعیش بعیداً عن أجواء السلطة والحکومة حتّى ولو کان من الناحیة الأخلاقیة یتّصف بأفضل الصفات والفضائل الأخلاقیة، ولهذا اعترض فرعون على موسى ودعواه النبوّة والرسالة من الله تعالى وقال :

 (فَلَوْلا اُلْقِیَ عَلَیْهِ اَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَب أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِکَةُ مُقْتَرِنِینَ)(1) (لیؤیدوا کلامه من کونه مرسل من الله تعالى).

 أی أن موسى (علیه السلام) وطبقاً لرؤیة الفراعنة ونظامهم الأخلاقی کان یعیش بعیداً عن أجواء القدرة والثروة والحکومة إذن فلا یستحق مقام النبوّة والرسالة.

 والنتیجة هی أن المعیار الأخلاقی فی النظام الفرعونی هو القدرة والثروة والزینة.

ب: و هناک بعض الأنظمة الأخلاقیة فی بعض المجتمعات و المذاهب الأٌخری تعتبر أن کثرة الأموال و الأولاد و الثروة هی المعیار، کما ورد فی الآیة الشریفة 35 سورة سبأ:

 (وَقالُوا نَحْنُ أَکْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبینَ).

 فهؤلاء یعیشون بنظام من القیم الأخلاقیة التی تدور حول محور القوى الإنسانیة والإقتصادیة، وطبقاً لهذه العقیدة وهذه الرؤیة فإنّ الإنسان الجیّد والمحترم هو من یتمتع بأموال کثیرة وثروة طائلة وأبناء کثیرین وخاصّة إذا کان هؤلاء الأبناء ذکور کما هو حال العرب فی زمن الجاهلیة حیث کانت العائلة السعیدة هی التی یتوفر فیها کثرة فی الأولاد الذکور، لأن ذلک یمنحهم القدرة على القتال والغارة وعملیّات السلب والنهب أو ینتفع الأب من معونتهم فی أعماله الشخصیة والإجتماعیة.

  والخلاصة أن مثل هذا النظام الأخلاقی یعتمد بالدرجة الاُولى على مبدأ القوّة البشریة والکثرة فی الأموال والأولاد.

 وأمّا بالنسبة إلى الرؤیة الإسلامیة ومنظومة القیم فی دائرة المفاهیم القرآنیة فإنها تختلف عمّا تقدّم من النظم والمعاییر الثقافیة، فکلُّ ذلک لا یعدّ فی نظر الإسلام معیاراً وقیمةً ذات أهمیّة على مستوى حیاة الإنسان الأخلاقیة والمعنویة رغم أنها قد تنفع أحیاناً فی کونها وسیلة وأداة للتوصل بها إلى الأهداف المقدسة والغایات الدینیة فتکون مطلوبة وإیجابیة حینئذ.

 القرآن الکریم یردُّ على ما ذکرناه آنفاً من النظام القیمی للطائفة الأخیرة ویقول :

 (وَما أَمْوالُکُمْ وَلا أوْلادُکُمْ بِالَّتِی تُقَرِّبُکُمْ عِنْدَنا زُلْفى إلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَاُولِئکَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فی الْغُرُفاتِ آمِنُونَ)(2).

 فهذه الآیة الشریفة وضمن رفضها للنظام الأخلاقی الذی یستوحی مقوماته من القوّة البشریة والإقتصادیة تطرح النظام الأخلاقی والمعیار القیمی فی دائرة المفاهیم الإسلامیة وتذکر «الإیمان» و«العمل الصالح» کمفردات معیاریة للنظام الأخلاقی فی الإسلام، لأن هذه الاُمور هی التی توصل الإنسان إلى معراج الکمال المعنوی وتقوده فی حرکته الصاعدة نحو الله تعالى لا المال والأولاد والاُمور الدنیویة الاُخرى.

 ویقول تبارک وتعالى فی الآیة 13 من سورة الحجرات ضمن اعتبار التقوى محور آخر من محاور النظام الأخلاقی فی الإسلام ویخاطب الناس کافة :

 (یا أَیُّهَا النّاسُ إنّا خَلَقْناکُمْ مِنْ ذَکَر وَاُنْثى وَجَعَلْناکُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاکُمْ إنَّ اللهَ عَلیمٌ خَبیرٌ).

 عندما جاء الإسلام بنظام أخلاقی جدید یقوم على الإیمان والعمل الصالح والتقوى فإنه استبدل القیم الجاهلیة القدیمة بهذه القیم السماویة والإنسانیة وخلق بذلک تحولاً عظیماً فی هیکلیة المجتمع البشری وقدّم إلى البشریة أشخاصاً مثل «أبی ذرّ» و «سلمان» و «میثم التمّار» بدلاً من «أبی جهل» و«أبی لهب» و«أبی سفیان».

 إنّ آیة «خیر البریّة» تقرر إنّ منظومة القیم فی الإسلام تقوم على أساس «الإیمان» و «العمل الصالح» و«الإحساس بالمسؤولیة» وتقرر بأن أفضل الناس هم الذین یتمیّزون بهذه السمات الأخلاقیة والدینیة الثلاث، ولکننا نرى مع الأسف فی عالمنا المعاصر أن قیم
الجاهلیة عادت لتحکم من جدید فالإنسان الأفضل هو الذی یمتلک دولارات أکثر أو یتمتع بقدرة اقتصادیة أعظم أو یمتلک قوّة عسکریة أکبر، ولکن کلّ هذه الاُمور لا تعدّ معیاراً أساسیاً فی منظومة القیم والمفاهیم الإنسانیة.


1 . سورة الزخرف : الآیة 53.
2 . سورة سبأ : الآیة 37.

 

توصیات آیة خیر البریّة2 ـ تاریخ ظهور الشیعة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma