هناک ثلاث آیات فی القرآن الکریم تتحدّث عن المعاملة مع الله تعالى ولابأس بالإشارة إلیها وإجراء مقارنة بین مضامینها :
الآیة الاُولى : ما ورد فی سورة التوبة الآیة 111 :
(إنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنینَ اَنْفُسَهُمْ وَاَمْوالَهُمْ بِاَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ یُقاتِلُونَ فِی سَبیلِ اللهِ فَیَقْتُلُونَ وَیُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَیْهِ حَقّاً فِی التَّوراةِ وَالاِْنْجیلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ اَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِروُا بِبَیْعِکُمُ الَّذِی بایَعْتُمْ بِهِ وَذلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظیمُ).
فی هذه المعاملة والتجارة العظیمة نرى أن الله تعالى من جهة هو المشتری، والمؤمنون والمجاهدون هم البائع، والبضاعة الموضوعة للتجارة هی نفوس المؤمنین وأرواحهم، والثمن هو الجنّة، واللطیف فی الأمر أن سند أو وثیقة هذه المعاملة مکتوبة فی ثلاث کتب سماویة معتبرة (القرآن والإنجیل والتوراة)، وهذه المعاملة المبارکة تحدّثت عنها هذه الآیة الشریفة بأنها «فوز عظیم» وبارکت للبائعین على هذه الصفقة، والحقیقة أن هذه المعاملة والتجارة عظیمة جدّاً، لأن المشتری فیها یشتری ما یتعلّق به وما هو ملکه بأغلى الأثمان من البائع، ألا تعتبر هذه المعاملة من قبیل «الفوز العظیم»، ألا تستحق التبریک والتهنئة ؟
الآیة الثانیة : ما ورد فی الآیات 10 ـ 13 من سورة الصف من موضوع تجارة اُخرى بین الله وعباده حیث نقرأ فی هذه الآیات الأربع :
(یا اَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا هَلْ اَدُلُّکُمْ عَلَى تِجارَة تُنْجیکُمْ مِنْ عَذاب اَلیم * تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِی سَبیلِ اللهِ بِاَمْوالِکُمْ وَاَنْفُسِکُمْ ذلِکُمْ خَیْرٌ لَکُمْ اِنْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * یَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَیُدْخِلْکُمْ جَنّات تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الاَْنْهارُ وَمَساکِنَ طَیِّبَة فِی جَنّاتِ عَدْن ذلِکَ الْفَوزُ الْعَظیمُ * وَاُخْرَى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَریبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنینَ)
فی هذه المعاملة المربحة نجد أیضاً أن البائع هو المؤمنین، والمشتری هو الله تعالى، والبضاعة أو المبیع هو نفس روح الإنسان المؤمن، وقیمتها غفران الذنوب ودخول الجنّة، المساکن الطیبة فیها، النصر القریب (فتح مکّة)، وهکذا نرى أن الله تعالى یعبّر عن هذه المعاملة والتجارة الکبیرة بعبارة «الفوز العظیم» ویبارک ویهنىء هؤلاء المتاجرون.