رأینا أن الآیات الکریمة تتحدّث عن ثلاث معاملات وردت فی سورة التوبة، الصف، البقرة، وقد تقدّم شرحاً لما ورد فیها ونجد أوجه للتشابه فیما بینها من قبیل أن الله تعالى فی کلّ هذه المعاملات الثلاث هو المشتری، والبائع هم المؤمنون، والبضاعة مورد المعاملة هی أرواح المؤمنین وأنفسهم، ولکن هنا تفاوت فی قیمة هذه الأجناس فی کلِّ واحدة منها، فتارة یشتری الله تعالى نفوس المؤمنین فی مقابل الجنّة، واُخرى یشتریها بثمن أعلى، فمضافاً إلى الجنّة هناک المساکن الطیبة وغفران الذنوب والنصر الدنیوی، ولکن فی المعاملة الثالثة وهی الآیة محل البحث (آیة لیلة المبیت) نرى أعلى الأثمان والقیم ألا وهو رضا الله تعالى، وبدیهی أن رضا الله تعالى لا یمکن قیاسه مع الجنّة وأمثالها من المواهب الاُخرویة، واللطیف أن هذا الثمن متناسب جدّاً مع روحیة الإمام علی (علیه السلام)حیث نقرأ فی کلماته الجذّابة یخاطب الله تعالى ویقول :
«إلهی ما عبدتک خوفاً من نارک، ولا طمعاً فی جنّتک ولکنی وجدتک أهلاً للعبادة فعبدتک».(1)