إنّ أحد تعلیمات القرآن الکریم الأساسیة هو أنه یوصی جمیع المسلمین بل جمیع الناس أن لا یقبلوا شیئاً وفکرة وعقیدة بدون دلیل، أجل فإنّ الإسلام یؤکد على قبول العقیدة إذا کانت مقترنة مع الدلیل والبرهان.
ونقرأ فی القرآن الکریم أربع آیات تشیر إلى هذا الموضوع حیث تقول : (قُلْ هاتُوا بُرهانَکُمْ)(1).
المخاطَب فی هذه الآیات تارةً هم الیهود والنصارى حیث یأمر الله تعالى نبیّه الکریم بأن یقول لهم أن یأتوا بدلیل وبرهان على صدق مدّعیاتهم (من قبیل أنه لا یرد أحد غیرهم الجنّة).
وتارةً اُخرى یکون المخاطب هم المشرکون الذین یدّعون ادعاءات زائفة فی شأن الأصنام، فهؤلاء یجب علیهم أن یقدّموا الدلیل العقلی على دعواهم وإلاّ فلا یقبل منهم ما یقولون.
بل إنّ أحد الآیات هذه تشیر إلى یوم القیامة أیضاً، فهناک لو أن أحداً إدعى شیئاً یجب أن یکون ادعاؤه مقروناً بالدلیل والبرهان.
وعلى هذا الأساس یستفاد من الآیات أعلاه أنه لابدّ لکلّ قوم وأتباع کلّ مذهب أن یأتوا بالدلیل على أفکارهم وعقائدهم(2)، وهذه الثقافة القرآنیة الراقیة إذا تمّ تجسیدها على مستوى الممارسة والعمل فإنّ من شأنها أن تقف حائلاً أمام الخرافات والأفکار الزائفة والعقائد الواهیة وحتّى أمام الشائعات وأنواع التهم والتخرّصات، وفی مثل هذا المجتمع
القرآنی لا یمکن لأی فئة مغرضة إیجاد حالة من التشویش والإضطراب فی الذهنیة المسلمة لیصطادوا السمک فی الماء العکر ویرکبوا أمواج الضلالة والأزمات الإجتماعیة وبالتالی یذبحوا الإسلام عند عتبة أغراضهم ومنافعهم الشخصیة، وعلى هذا الأساس فإنّ النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)استشهد لصدق دعواه بدلیلین وشاهدین معتبرین بحیث یقبل شهادتهم کلُّ إنسان.
ومع الإلتفات إلى هذه المقدمة نشرع فی تفسیر الآیة الشریفة :