السؤال : یستفاد من الآیة 100 من سورة التوبة أن السابقین هم ثلاث طوائف ولکنّ السؤال الذی یثار هنا هو : من هو الأسبق من هؤلاء ؟ ومن هو أوّل شخص من المسلمین استجاب لدعوة النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) إلى الإیمان وآمن به ؟
الجواب : هناک روایات کثیرة وردت فی ذیل هذه الآیة الشریفة تقرر أن أوّل مسلم من الرجال اعتنق الإسلام هو علیّ بن أبی طالب (صلى الله علیه وآله)، وأوّل امرأة اعتنقت الإسلام هی السیّدة خدیجة (علیها السلام).
وهذا الرأی متفق علیه بین جمیع علماء الإسلام من الشیعة وأهل السنّة ویعدّ من الواضحات لدیهم حتّى أن بعض علماء أهل السنّة ادّعوا الإجماع على هذا الرأی ومن ذلک :
1 ـ یقول ابن عبدالبر العالم السنّی المعروف :
اتّفقوا على أن خدیجة أوّل من آمن بالله ورسوله وصدّقته فیما جاء به، ثمّ علیٌّ بعدها(1).
2 ـ ویقول أبوجعفر الإسکافی المعتزلی اُستاذ ابن أبی الحدید المعتزلی الذی توفی فی سنة 240 عن أوّل من أسلم واستجاب لدعوة النبی (صلى الله علیه وآله) :
قد روى النّاس کافة افتخار علیّ بن أبی طالب بالسّبق إلى الإسلام(2).
3 ـ ویقول الحاکم النیشابوری فی «مستدرک الصحیحین» الذی یعدّ ردیفاً لصحیح البخاری وصحیح مسلم :
لا أعلم خلافاً بین أصحاب التواریخ أنّ علیّ بن أبی طالب رضى الله عنه أوّلهم إسلاماً وإنّما اختلفوا فی بلوغه(3).
ومضافاً إلى ما تقدّم آنفاً من إدعاء الإجماع على أسبقیة الإمام علی (علیه السلام)لاعتناق الإسلام یروی العلاّمة الأمینی 25 روایة من الأئمّة المعصومین (علیهم السلام)ویذکر 66 قولاً من أکابر علماء الإسلام والشعراء المتقدمین فی هذا المجال، وقد ذکر بعض علماء الشیعة 100 حدیثاً من منابع أهل السنّة فی هذا المجال، ویعتبر هذا العدد کثیراً جدّ(4).
أجل، إنّ هذه المسألة تعتبر فی المستویات العُلیا من الإتقان والإعتبار ولذلک فالشیعة یفتخرون بها، ولابدّ لنا نحن الشیعة أن نفتخر ونقدر هذه النعمة العظیمة نعمة التشیّع علینا والتی تعلّمناها من والدینا وأرشدنا إلیها علماؤنا، ولابأس بالإشارة إلى بعض الروایات فی هذا الصدد :
1 ـ یروی أنس خادم النبی (صلى الله علیه وآله) أنه :
نُبِّی النّبی یوم الإثنین وأسلم علیٌّ یوم الثّلثاء. (وفی روایة اُخرى) بعث رسول الله(صلى الله علیه وآله)یوم الإثنین وصلّى علیٌّ یوم الثّلثاء(5)».
سؤال : هل أن علیّ بن أبی طالب (علیه السلام) لم یسجد لصنم قطّ ولم یعتقد بغیر التوحید ؟
الجواب : إنّ علیّ ابن أبی طالب وبشهادة التاریخ لم یسجد حتّى لحظة واحدة أمام صنم ولم یختر دیناً غیر دین التوحید(6)، وعلیه فإنّ معنى الروایة أعلاه هی أن الإمام علی (علیه السلام)أسلم بعد یوم واحد من البعثة المبارکة ولا ینافی هذا أنه کان قد عانق الإسلام بقلبه قبل ذلک.
2 ـ ویقول سلمان الفارسی الصحابی المعروف بالنسبة إلى أوّل الناس إسلاماً :
أوّل هذه الاُمّة وروداً على نبیّها الحوض أوّلها إسلاماً علیّ بن أبی طالب(7).
وکما سبق وأن ذکرنا أن المثوبات الاُخرویة هی إنعکاس لأعمال الإنسان فی الدنیا، وبما أن الإمام علی (علیه السلام) کان أوّل مسلم فی الدنیا، إذن فهو أوّل شخص یرد الحوض على النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) یوم القیامة.
3 ـ ویعترف الخلیفة الثانی عمر ابن الخطّاب بهذه الحقیقة کما یروی عبدالله بن عبّاس الصحابی المعروف وتلمیذ أمیرالمؤمنین (علیه السلام) ویقول :
کنت أنا ونفر من المسلمین عند عمر بن الخطّاب وتحدّثنا عن أوّل من أسلم، فنقل لنا عمر حدیثاً وقال :
أمّا علیٌّ فسمعت رسول الله یقول : فیه ثلاث خصال لوددت أن تکون لی واحدة منهن، وکانت أحبّ إلیّ ممّا طلعت علیه الشمس کنت أنا وأبوعبیدة وجماعة من أصحابه إذ ضرب النبیّ (صلى الله علیه وآله) على منکب علیٍّ فقال یا علی : «اَنْتَ أَوَّلُ الْمُؤْمِنینَ إیماناً، وَأَوَّلُ الْمُسْلِمینَ إسْلاماً، وَاَنْتَ مِنّی بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسى».(8)
سؤال : هل أن جملة «أوّل المسلمین إسلاماً» عبارة اُخرى عن «أوّل المؤمنین إیماناً» أو لها معنى آخر ؟
الجواب : إنّ الإیمان یتعلق بالإعتقادات القلبیة والباطنیة لدى الإنسان، بینما الإسلام هو إبراز هذه الإعتقادات وإظهارها على اللسان، وعلیه فإنّ الإمام علی (علیه السلام) کما أنه أوّل من آمن بقلبه برسول الله، فکذلک هو أوّل شخص أبرز وأظهر ذلک الإیمان على لسانه.