ومما تقدّم من صفات وخصائص المعصومین (علیهم السلام) وأنهم المجاهدون، العابدون، الراکعون، الساجدون، القائمون، الصائمون، الزاهدون، العالمون، المتقون، الذاکرون، الخاشعون، وأمثال ذلک فإنّ هذه الصفات تجتمع فی مصداق کلمة «الصادقین»، وهذا یعنی أن حالة «الصدق» لها دور مهم جداً فی مصیر الإنسان «ولیس المسلم فحسب»، ولهذا السبب فإنّ الآیة الشریفة وصفت أئمّة الهدى بهذه الصفات.
ومع الإلتفات إلى أهمیة هذا الموضوع نذکر بعض ما ورد عن الإمام علی (علیه السلام)فی هذا الصدد :
1 ـ «الصِّدْقُ عِمادُ الإسْلامِ وَدَعامَةُ الإیمانِ».(1)
فلو سقط عمود البناء لانهار البناء تماماً، فلو أن المسلم لم یتّصف ویتحلّى بصفة الصدق فلا معنى لإسلامه وإیمانه.
2 ـ «الصِّدقُ أَقْوى دَعائِمِ الاْیمانِ»(2)
وهذا یعنی أن الصدق یقترن مع مفهوم عمود الخیمة بحیث لو زال العمود لحظة لانهدمت الخیمة.
3 ـ «الصِّدقُ صَلاحُ کُلِّ شَیء وَالْکِذْبُ فَسادُ کُلِّ شَیء»(3).
وفی الحقیقة فإنّ الصدق لو ساد فی المجتمع وکان جمیع أفراد المجتمع یتحلّون بهذه الصفة وکان الرجل وزوجته یعیشان حالة الصدق فی البیت، وکذلک الموظفون فی الإدارات والشرکاء فی محیط التجارة والحکّام فی دائرة الحکومة والسیاسة والطلاب والتلامیذ فی أجواء المدرسة والجامعة، والخلاصة لو کان جمیع أفراد المجتمع یتحرکون فی تعاملهم وتفاعلهم مع الآخرین من موقع الصدق فإن ذلک بلا شکّ سوف یحلّ الکثیر من المشاکل والتحدّیات التی یواجهها المجتمع البشری.
إنّ جمیع المشاکل والمصاعب تنبع من عدم الصدق فی التعامل وفی الکلام.
وهذا المعنى یصدق أیضاً فی البعد العالمی للمجتمع البشری، وعلى سبیل المثال إذا کانت الدول والحکومات التی تدّعی حقوق الإنسان صادقة فی الإستفادة من هذا العنوان الجمیل لکانت البشریة فی عالمنا المعاصر تعیش حالة أفضل بکثیر ممّا هی علیه الآن. ولکننا نرى أن هذا الإدعاء قد انحرف عن مسیره فلا نجد معالم الصدق فی التعامل بین الدول التی لا تفکر إلاّ بمصالحها الذاتیة وعلى حساب الظلم والجور والفساد الفاحش، وعلى هذا الأساس فلو أن جاسوساً اسرائیلیاً یقدم للمحاکمة فی نقطة من العالم فإن صراخ هؤلاء المدّعون لحقوق الإنسان سیعلو ویطغى على کلّ شیء، ولکن إذا تم سحق الشعب الفلسطینی وقتل آلاف الأشخاص من أفراد هذا الشعب المظلوم فلا نجد أی اعتراض من هؤلاء بل مع کثیر التعجب والتأسف نجدهم یقدّمون معالم التأیید السیاسی والاقتصادی والعسکری إلى الظالم على حساب المظلوم.
وهکذا ندرک جیداً عمق ما تحدّث به أمیرالمؤمنین : «إنّ الکذب فساد کلّ شیء».
والنتیجة هی أن آیة «الصادقین» توحی لجمیع المسلمین بل جمیع البشریة بأن یکونوا مع الصادقین.
1 . میزان الحکمة : باب 2190، ح 10185.
2 . میزان الحکمة: باب 2190، ح 10184.
3 . میزان الحکمة : باب 2189، ح 10166.
