بعد أن عقد أعداء الإسلام العزم على مؤامرتهم فی القضاء على النبی (صلى الله علیه وآله)قرروا أن یهجموا على بیته لیلاً وینفذون مؤامرتهم، ولکن أحد قادة المشرکین «أبوجهل أو أبو لهب» منعهم من هذا العمل وقال : لا تهجموا علیه لیلاً لأن من المحتمل أن تکون فی البیت زوجته وأطفاله وسیصیبهم الخوف والرعب وهم أبریاء(1).
ولهذا السبب أخّروا هجومهم إلى بواکر الصباح، وعندما حانت اللحظة المناسبة وهجموا على بیت النبی (صلى الله علیه وآله) وهم یقصدون قتله، قام الإمام علی (علیه السلام) من الفراش قبل أن یصلوا إلیه وصاح بهم : ماذا تریدون ؟
وعندما تفاجأ المشرکون بهذا الأمر ورأوا علی ابن أبی طالب فی فراش النبی أخذتهم الدهشة وقالوا : یا علیّ نحن نرید محمّداً فأین هو ؟
فأجابهم : هل أودعتموه عندی حتّى تطلبوه منی ؟
فتحیّروا فی جوابه وماذا یصنعون به، هل یقتلونه أو یترکونه ؟ فقال أبو جهل : لنترک هذا الشاب المغامر فقد خدعه محمّد وأنامه فی فراشه لینجو بنفسه.
فلمّا سمع الإمام علی (علیه السلام) بهذه الکلمات الموهنة له ولرسول الله قال بمنتهى الشجاعة والجرأة :
أَلی تَقُولُ هذا یا اَبا جَهْل ! إن الله قَدْ اَعْطانِی مِنَ الْعَقْلِ ما لَوْ قُسِّمَ عَلى جَمیعِ حُمَقاءِ الدُّنْیا وَمَجانینِها لَصاروُا بِهِ عُقلاءَ، وَمِنَ الْقُوَّةِ ما لَوْ قُسِّمَ عَلى جَمیعِ ضُعَفاءِ الدُّنْیا لَصاروُا بِهِ اَقْویاءَ، وَمِنَ الشُّجاعَةِ ما لَوْ قُسِّمَ عَلَى جَمیعِ جُبَناءِ الدُّنْیا لَصاروُا بِهِ شَجْعاناً.(2)
فأنا قد عرفت نبی الإسلام (صلى الله علیه وآله) وآمنت بالإسلام عن معرفة ولذلک تقدّمت إلى هذا العمل بکلِّ إخلاص وإیمان، وبعد أن حدثت بینهما مشادّة خرج أعداء الإسلام من بیت النبوّة خجلین وآیسین وخرج الإمام علی (علیه السلام)من هذه الواقعة مرفوع الرأس ومسروراً لأدائه المهمة الرسالیة.
1 . قارن بین هذا العمل وبین مدّعیات القوى التی تدعی حقوق الإنسان لیتضح جیداً أنهم أکثر توحشاً وهمجیة من العرب الجاهلیین، لأننا نرى فی هذا العصر هجوم أمریکا وبریطانیا على افغانستان بصورة وحشیة حیث لم یرحموا النساء والأطفال والشیوخ، وحتّى المرضى فی المستشفیات لم یسلموا من تعرضهم وأذاهم.
2 . بحار الأنوار : ج 19، ص 83.
