آیة التطهیر، برهان واضح للعصمة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
آیـات الولایـة فی القرآن
مقدّمةمن هم أهل البیت ؟

 تقدّم أنه ینبغی التدبر فی کلّ کلمة من کلمات هذه الآیة الشریفة مورد البحث لاستجلاء المراد الحقیقی منها :

 1 ـ کلمة «إنّما» تستعمل للحصر فی اللغة العربیة ویتّضح من هذه الکلمة أن المضمون الوارد فی هذه الآیة الشریفة لا یتعلق بجمیع المسلمین وإلاّ لا معنى لاستخدام هذه الکلمة.

 «الرجس» الذی تحدّثت عنه هذه الآیة لم یرفع من الجمیع بل أراد الله رفعه من بعض الأفراد بخصوصهم، مضافاً إلى أن «الرجس» یراد به رجس خاصّ، وقد أراد الله إزالته عن أفراد معینین وتطهیرهم منه.

 وبما أن التقوى العادیة تستوعب جمیع المسلمین والواجب على جمیع المسلمین تطهیر أنفسهم من الرذائل والذنوب، فإنّ المراد من هذه الآیة وما یختصّ بهؤلاء الأفراد المعینین یجب أن یکون أعلى ممّا یراد من الأشخاص العادیین فی تقواهم وحرکتهم فی خط الطاعة والإیمان.

 2 ـ (یُریدُ اللهُ).

 فما هو المراد من إرادة الله ؟ هل هی الإرادة التشریعیة أو الإرادة التکوینیة ؟

 الجواب : للإجابة على هذا السؤال یلزمنا بعض التوضیح حول مفهوم الإرادة التکوینیة والتشریعیة :

 الإرادة التشریعیة : هی الإرادة التی تعنی أوامر الله تعالى ودستوراته من الواجبات والمحرمات الواردة فی الشریعة المقدّسة، والآیة 185 من سورة البقرة هی أحد الآیات التی وردت فیها الإرادة الإلهیة بمعناها التشریعی حیث ذکر الله تعالى فی هذه الآیة الشریفة بعد بیان وجوب صوم شهر رمضان المبارک واستثناء هذا الحکم بالنسبة إلى المسافر والمریض یقول :

 (یُریدُ اللهُ بِکُمُ الْیُسْرَ وَلا یُریدُ بِکُمُ الْعُسْرَ).

 فالمقصود من الإرادة الإلهیة هنا هی الإرادة التشریعیة، أی أن أحکام الله تعالى فی شهر رمضان سهلة ویسیرة للإنسان المؤمن بل إن جمیع أحکام الإسلام هی کذلک، ولذلک قال رسول الله (صلى الله علیه وآله) :

 «بُعِثْتُ إلَیْکُمْ بِالْحَنَفِیَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ».(1)

 «الإرادة التکوینیة» هی الإرادة التی تستخدم فی مقام الخلق والتکوین فقد أراد الله تعالى خلق العالم وخلق سائر الکائنات والمخلوقات.

 وکمثال على هذه الإرادة الإلهیة ما ورد فی الآیة 82 من سورة یس حیث یقول تبارک وتعالى فی هذه الآیة :

 (إنَّما أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ).

 فالمقصود من هذه الإرادة فی الآیة الشریفة هی الإرادة التکوینیة، وفی الحقیقة أن قدرة الله تعالى على هذا الکون وسلطته على الکائنات إلى درجة من الشدّة والإستحکام بحیث إنه إذا أراد أن یخلق مثل هذا العالم الذی نعیش فیه فیکفی أن یصدر أمره بذلک، وطبقاً للأقوال العلماء أن الشمس أکبر من الأرض بملیون ومائتین ألف مرّة ویحتوی على مائة میلیارد نجم فی المنظومة الشمسیة فی مجرتنا لوحدها وحجم کلُّ واحد منهما بحجم الشمس بالمقدار المتوسط، فلو أراد الله أن یخلق مثل هذا العالم لکفى أن یأمر ویقول : کن فیکون «اَلْعَظَمَةُ للهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ».

 وبعد أن تعرّفنا على هذین المعنیین للإرادة الإلهیة نتساءل : هل أن المراد بالإرادة الإلهیة فی آیة التطهیر هی الإرادة التشریعیة أو التکوینیة ؟ أی أن الله تعالى هل أراد من أهل البیت أن یعیشوا الطهارة والإبتعاد عن الرجس والرذائل، أو أن الله تعالى هو الذی سیقوم بتطهیر هؤلاء الأشخاص من الرجس والرذیلة ؟

 الجواب : بلا شکّ أن المراد هنا الإرادة التکوینیة، لأن الأمر بالطهارة والتقوى لا یختص بأهل البیت بل هو دستور عام وتشریع شامل لجمیع المسلمین، فی حین أننا قرأنا سابقاً أن مقتضى کلمة «إنّما» هو الحصر بدائرة معیّنة، وهم أهل البیت (علیهم السلام)ولا یشمل جمیع المسلمین.

 والنتیجة هی أن الله تعالى بإرادته التکوینیة أراد أن یسجّل فضیلة وموهبة اُخرى لأهل البیت (علیهم السلام) ویمنحهم «العصمة» فی واقعهم الروحی وملکاتهم الأخلاقیة بحیث یبتعدون عن کلّ رجس ورذیلة ویعیشون الطهارة من الذنوب والخطایا.

 سؤال : هل أن العصمة فی هؤلاء المعصومین تتمتع بحالة من الجبر ؟

 وبعبارة اُخرى : هل أن هؤلاء العظماء یجتنبون المعاصی والذنوب من دون اختیار منهم ؟ فلو کان کذلک فإنّ العصمة لا تعنی شیئاً فی دائرة الإمتیاز الأخلاقی والإیمانی.

 الجواب : إنّ الشیء إذا کان محالاً فی دائرة أعمال الإنسان فهو على قسمین : 1 ـ المحال العقلی، 2 ـ المحال العادی.

 «المحال العقلی» هو أن یکون وقوع الشیء محالاً کأن تکون هذه اللحظة من الزمان لیلاً ونهاراً فی آن واحد، فهذا عقلاً محال، أو تقرأ کتاباً عدد صفحاته 400 و 500 صفحة فی نفس الوقت، فهذا من المحال عقلاً لأنه جمع بین النقیضین والجمع بین النقیضین محال عقل(2).

 ولکن تارة یکون وقوع العمل ممکن عقلاً ولکنه عادة ممتنع، ومثاله أن کلُّ إنسان عاقل لا یظهر فی الشارع وأمام الناس عاریاً، فهذه المسألة ممکنة عقلاً ولکنها محالٌ عادةً، وعلیه فالناس بالنسبة إلى هذه الحالة معصومین لأن عقلهم لا یبیح لهم ارتکاب مثل هذا العمل الذی قبحه واضح وجلی، إذن فجمیع أفراد البشر یمکن أن تکون لهم عصمة جزئیة بالنسبة إلى بعض الذنوب والأفعال.

 ولو تقدّمنا خطوة إلى الامام رأینا أن بعض الناس قد تکون لهم عصمة جزئیة بالنسبة إلى بعض الأفعال التی هی محال عادةً، من قبیل أن من المحال أن یقوم رجل دین معروف فی الیوم الواحد والعشرین من شهر رمضان المبارک وفی محراب المسجد وهو جالس على سجادة الصلاة بشرب الخمر أمام الناس، فهذا من المحال، ولکنه لیس من المحال العقلی بل إن صدوره من مثل هذا الشخص محال عادةً لأن عقله لا یسمح له بارتکاب مثل هذا العمل فی هذا المکان وهذه الموقعیّة.

 وأمّا المعصومون (علیهم السلام) فیتمتعون بمقام العصمة فی مقابل جمیع الذنوب والخطایا، أی أنه رغم کونهم من الناحیة العقلیة یمکن صدور الذنب والمعصیة منهم، ولکنّه غیر ممکن عادةً لأن عقلهم وتقواهم ومعرفتهم بالنسبة إلى جمیع الذنوب والمعاصی کعلم الشخص العادی بالنسبة إلى الخروج عاریاً إلى الشارع، فکما أن الإنسان العادی معصوم من مثل هذا الذنب، فالأئمّة المعصومون (علیهم السلام)أیضاً یتمتعون بمقام العصمة فی مقابل جمیع الذنوب، فمن المحال عادةً أن یقوموا بارتکاب المعصیة حتّى لو کان صدورها منهم ممکن عقلاً.

 إذن فالعصمة هنا لیست أمراً جبریاً ولیست بحیث تکون خارجة عن اختیار المعصومین (علیهم السلام) وإلاّ فلا قیمة لمثل هذه الأعمال.

 والنتیجة هی أن الإرادة الإلهیة فی هذه الآیة الشریفة هی إرادة تکوینیة، والعصمة هنا لا تسلب الإختیار والإرادة من الأئمّة المعصومین (علیهم السلام) ولا تجبرهم على ترک المعصیة والذنوب بل إنّ هؤلاء الرجال لا یتوجهون نحو الذنوب بکمال حریتهم واختیارهم.

 3 ـ المراد من «الرِّجس»

 الرجس بمعنى القبیح، فتارةً یطلق على الاُمور المادیة القبیحة، واُخرى على الاُمور المعنویة القبیحة، وثالثة قد یطلق ویستعمل على کلا الأمرین کما ذکر ذلک الراغب فی مفرداته.

 ولکلِّ مورد من هذه الموارد الثلاثة فی استعمال کلمة «الرجس» هناک شاهد من القرآن الکریم :

 ألف ـ الرجس المعنوی : وهو ما ورد فی الآیة 125 من سورة التوبة.

 (وَأَمَّا الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ کافِروُن).

 فإنّ عبارة «فی قلوبهم مرض» تطلق غالباً على المنافقین ومن کانوا یعیشون المرض القلبی حقیقةً فی نفاقهم، وإلاّ فإنّ الإنسان السلیم إمّا أن یقبل الأوامر الإلهیة ویکون مسلماً أو یردّها ویکون کافراً، ولکن أن یقبلها فی الظاهر وفی عالم العمل والممارسة ولکنه لا یعتقد بها فی قلبه، فهذا هو النفاق وهو نوع من المرض القلبی.

 وعلى أیّة حال فإنّ کلمة «الرجس» فی هذه الآیة الشریفة وردت بمعنى القبح المعنوی فإنّ النفاق نوع من القبح المعنوی لا القبح المادی الظاهری.

 ب ـ الرجس الظاهری والمادی : وهو ما ورد فی الآیة 145 من سورة الأنعام :

 (قُلْ لاَ أَجِدُ فِی مَآ اُوحِیَ إلَیَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِم یَطْعَمُهُ إلاّ أَنْ یَکُونَ مَیْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزیر فَاِنَّهُ رِجْسٌ...).

 ومن الواضح أن الرجس استخدم فی هذه الآیة الشریفة بمعنى القبح المادی والظاهری.

 ج ـ الرجس المعنوی والمادی : ونقرأ فی الآیة 90 من سورة المائدة أن «الرجس» استخدم بکلا المعنیین :

 (یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَیسِرُ وَالاَْنْصابُ وَالاَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّیطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ).

 وهنا نجد أن «الرجس» فی هذه الآیة الشریفة استخدم فی کلا المعنیین المادی والمعنوی لأن الخمر له حکم النجاسة المادیة، ولکن القمار والأزلام لیست کذلک بل هی من الرجس المعنوی.

 والنتیجة هی أن کلمة «الرجس» فی الآیات الشریفة لها معنى عام وتشمل جمیع القبائح الظاهریة والمعنویة والأخلاقیة والعقائدیة والجسمیة والروحیة، وعلیه فإنّ الله تعالى فی آیة التطهیر وبإرادته التکوینیة قد طهّر أهل البیت (علیهم السلام) من جمیع أنواع الرجس بمعناه الواسع.

 والدلیل على أن الرجس استخدم فی هذه الآیة الشریفة فی جمیع أنواع الرجس المادی والمعنوی هو إطلاق هذه الکلمة، أی أن هذه الکلمة لم ترد بالآیة الشریفة مقیّدة بقید أو مشروطة بشرط بل وردت بصورة مطلقة وبدون قید أو شرط، فلذلک تستوعب فی مضمونها جمیع أنواع الرجس.

 (وَیُطَهِّرَکُمْ تَطْهیراً) هذه الجملة فی الواقع تأکید وتفسیر للجملة السابقة (لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ) فطبقاً لهذه الآیة فإن «أهل البیت» طاهرون من الرجس وکلُّ عمل قبیح بالإرادة الإلهیة التکوینیة، فهم یتمتعون بمقام العصمة المطلقة.

 


1 . بحار الأنوار : ج 65، ص 346.
2 . للتعرف أکثر على هذا الإصطلاح المنطقی یراجع کتاب «التعرف على العلوم الإسلامیة، المنطق والفلسفة» للشهید العلاّمة المطهری : ص 65 فما بعد.

 

مقدّمةمن هم أهل البیت ؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma