3 ـ جاء شخص إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله)
وقال :
عن الصادق عن أبیه (علیهما السلام) : إنّ ثوراً قتل حماراً على عهد النبی (صلى الله علیه وآله) فرفع ذلک إلیه وهو فی أناس من أصحابه فیهم أبوبکر وعمر، فقال : یا أبابکر اقضِ بینهم، فقال : یا رسول الله بهیمة قتلت بهیمة ما علیهما شیء. فقال (صلى الله علیه وآله) : یا عمر اقض بینهم. فقال مثل قول صاحبه. فقال : یا علی اقض بینهم. فقال : نعم یا رسول الله، إن کان الثور دخل على الحمار فی مستراحه ضمن أصحاب الثور، وإن کان الحمار دخل على الثور فی مستراحه فلا ضمان علیهم. فرفع النبی(صلى الله علیه وآله)یده إلى السماء فقال : الحمد لله الذی جعل منی من یقضی بقضاء النبیین(1).
فقال النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) تأییداً لقضاء الإمام علی (علیه السلام) فی هذا المورد :
«اَقْضاکُمْ عَلِیٌّ»(2).
إن قضاء الإمام علی (علیه السلام) فی هذه الواقعة هو المصداق لما ورد فی فقه الشیعة کقاعدة کلیة وهی «عندما یکون السبب أقوى من المباشر فالسبب ضامن» وفی القصة المذکورة آنفاً کانت البقرة هی المباشرة للقتل وصاحب البقرة الذی ترکها حرة ولم یربطها هو المسبب للقتل، وبما أن السبب أقوى لمکان العقل والشعور ولیس للحیوان ذلک العقل والشعور ولهذا فالسبب هو الضامن(3).
وطبقاً لما تقدّم فصاحب «الاُذن الواعیة» هو الإمام علی (علیه السلام) الذی لا یفترق عن القرآن الکریم وأعلم المسلمین بأمر القضاء وأفضل الصحابة وأعرفهم بکتاب الله، ومع الأخذ بنظر الإعتبار ما تقدّم فإن الله تعالى إذا أراد أن ینصب شخصاً للخلافة والإمامة بعد النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فهل یعقل أن ینصب شخصاً آخر لهذا المقام غیر الإمام علی (علیه السلام) ؟ ولو قلنا بأن هذا المقام یتم باختیار الناس فهل یقرر العقلاء وأصحاب الفکر مع وجود الإمام علی (علیه السلام)بکلُّ هذه الفضائل والصفات السامیة، انتخاب غیره لهذه المهمة ؟
نرى أن من اللازم أن نتوجه مرّة اُخرى إلى الله تعالى ونرفع أیدینا بالشکر والثناء من صمیم القلب على هذه النعمة العظیمة وهی أن وفقنا لاتباع مثل هذا الإنسان الکامل والعظیم وجعلنا من شیعة الإمام علی (علیه السلام) وأهل بیته الطاهرین (علیهم السلام) ونشکر کذلک آباءنا واُمهاتنا الذین عرّفونا بالإمام علی (علیه السلام) وعملوا على تربیتنا بحبّ هذا الإنسان العظیم وولایته ونشکر أیضاً جمیع المعلمین والأساتذة والعلماء على طول التاریخ على ما تحمّلوا من أتعاب ومشقّات لکی یرفعوا لواء الولایة فی هذا البلد الإسلامی العریق «ایران» ونطلب من الله تعالى أیضاً :
إلهنا، أرزقنا العشق والمودّة الدائمة لهذا الإمام العزیز واحیی قلوبنا وأرواحنا بهذه الولایة والمحبّة واجعل نسلنا وذریتنا إلى یوم القیامة من شیعة الإمام علی (علیه السلام)الحقیقیین.
ربّنا، اغثنا فی اللحظات الحرجة وساعات الإحتضار ومواقف المحشر والقیامة بالإمام علی وأهل بیته الطاهرین.
إلهنا وفّقنا إلى أن نکون فی أعمالنا وأقوالنا من أتباع أهل البیت (علیهم السلام) بحیث ننال بذلک رضاک والمنزلة عندک.
1 . قضاء أمیرالمؤمنین : ص 193.
2 . نور الأبصار : ص 88 .
3 . کما هو الحال فیما لو دعى صاحب البیت شخصاً لضیافته، وکان فی البیت کلب هار یهجم على الغرباء ولم یخبر صاحب البیت ضیفه بأمر هذا الکلب ولم یهتم لدفع الخطر عن الضیف، فلمّا دخل الضیف إلى البیت هجم علیه الکلب وجرحه، فهنا یضمن صاحب البیت، لأن الکلب وإن کان هو المباشر، وصاحب البیت هو السبب، إلاّ أن السبب هنا أقوى من المباشر، فیکون الضمان علیه.
