(فَمَنْ حَاجَّکَ فِیهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ) أی : أیّها النبی بعد البحث والمناقشة مع هؤلاء النصارى عن عیسى ابن مریم (علیهما السلام) وبعد تقدیم الأدلّة المتقنة والبراهین الساطعة حول تفاصیل حیاة عیسى ابن مریم فإنهم إذا أصرّوا مع ذلک على عنادهم ولجاجتهم ولم یبصروا الحقّ والحقیقة فهناک طریق آخر لاستمرار الدعوة الإلهیة وهو اختیار المباهلة معهم.
(فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْنائَنا وَأَبْناءَکُمْ وَنِسائَنا وَنِساءَکُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَکُمْ).
فی هذا المقطع من الآیة الشریفة یعیّن القرآن الأشخاص الذین سیشترکون فی مراسم المباهلة، وعلیه یوجّه الخطاب إلى النبی الأکرم ویقول : أیّها النبی قل لهؤلاء تعالوا لنتباهل ولیأتی کلُّ طرف منا بأربع فئات من جماعته وأهل ملّته لیشترکوا فی هذه المراسم :
1 ـ رئیس المسلمین، أی النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) من جهة ورئیس نصارى نجران من جهة اُخرى.
2 ـ أبناءنا وأبناءکم.
3 ـ نساءنا ونساءکم.
4 ـ أنفسنا وأنفسکم.
وسیأتی فی الأبحاث اللاحقة الکلام عن المراد من «أبنائنا» و «نسائنا» و «أنفسنا» بشکل مفصل.
(ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْکاذِبینَ) فبعد أن ذکرت الآیة الشریفة الطوائف الأربع المفروض اشتراکهم فی مراسم المباهلة، ذکرت کیفیة إجراء هذه المراسم بأن تتم بهذه الصورة : إن کلُّ شخص کاذب ویدّعی أنه على الحقّ کذباً وزوراً فإن علیه لعنة الله وعذابه، لیتّضح الحقّ للناس وتتجلّى معالم الحقیقة للجمیع.
