فی أحد الأیّام قال الإمام علی (علیه السلام) لأحد عشاقه الذی کان یعیش الولاء المطلق له :
ـ سوف تُصلب فی المستقبل القریب بسبب دفاعک عنی وحبّک لی فکیف یکون حالک حینئذ ؟
ولکنّ هذا العاشق لم یتردد لحظة ولم یشعر بشیء من الخوف ولم یتهرب من المسؤولیة والولایة بل أظهر السرور البالغ وقال : سیّدی أین المکان الذی سوف اُصلبُ فیه ؟
فأشار الإمام علی (علیه السلام) إلى نخلة من نخیل الکوفة وقال : سوف تُصلب على جذع هذه النخلة.
هذا العاشق الخالص لم یبتعد عن الإمام ولم یهرب من تلک المدینة ویترک أهله ودیاره بل أزداد حبّاً وعشقاً للإمام علی.
کان فی کلّ یوم یتوجّه إلى تلک النخلة ویهتم بعنایتها وسقیها ویصلّی رکعتین عندها ویتحدّث معها حدیث العاشق لمعشوقه :
ـ أیتها النخلة لقد خُلقت لی وخلقت لک وسوف یصلب بدنی على جذعک بسبب حبّی للإمام علی (علیه السلام)...(1) أین نحصل على مثل هذا الإنسان العاشق فی تاریخ البشریة ؟
وحان الیوم الموعود وتمّ صلب هذا العاشق على ذلک الجذع ولکنّ عشقه لمحبوبه لم یخفّ لحظة بل أزداد توهجاً واشتعالاً وشرع بذکر فضائل ومناقب الإمام علی (علیه السلام) حتّى أن الأعداء لم یتحملوا منه ذلک وأمروا بقطع لسانه وهکذا ضحّى بنفسه فی سبیل مراده.
سؤال : ألیست التقیة واجبة فی نظر الإسلام ؟ إذن فلماذا لم یستخدم هؤلاء الأشخاص عنصر التقیة للمحافظة على أنفسهم واجتناب إلقاء أنفسهم فی التهلکة ؟
الجواب : إنّ التقیة کما هی واجبة فی بعض الموارد فکذلک تکون حراماً فی موارد اُخرى، فعندما یتعرض أساس الدین والمذهب للخطر وتسود الظلمة والإنحراف جمیع أرجاء المجتمع الإسلامی ویتعرض الأحرار للسجن والقتل فحینذاک یجب على من یتمکن من إیصال صوته إلى الناس أن یفضح قوى الإنحراف هذه ویتصدى بکلّ وسیلة لجهاز الحکم، وفی هذه الصورة فإنّ التقیة لیست فقط غیر واجبة بل إذا تستر الإنسان المسلم بالتقیة فإنه یکون قد ارتکب معصیة کبیرة.
