1 ـ التعصّب هو الحجاب والمانع !

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
آیـات الولایـة فی القرآن
توصیات آیة الولایة والإنذار2 ـ الإقتداء بالهادی

 یستفاد من المقطع الأوّل لهذه الآیة الشریفة أن الإنسان لا یمکنه أن یصل بأدوات التعصّب واللجاجة إلى أی مرتبة من مراتب المعرفة والکمال الإنسانی، فلو أراد الإنسان أن یدرک الحقّ والحقیقة فینبغی علیه أن یتحرّک فی خطّ الحقّ من موقع التسلیم والإذعان لا من موقع التفسیر بالرأی وتحکیم الآراء المسبقة وإتّباع الأهواء النفسیة، ولهذا نرى أن الآیات القرآنیة والروایات الشریفة قد نهت بشدّة عن «الجدال بالباطل» وحذّرت من عاقبة إتّباع هذا الطریق المنحرف للوصول إلى الحقّ، حیث یقول القرآن الکریم فی الآیة الثالثة من سورة الحجّ :

 (وَمِنَ النّاسِ مَنْ یُجادِلُ فِی اللهِ بَغَیْرِ عِلْم وَیَتَّبِعُ کُلَّ شَیْطان مَرِید).

فالمجادلة بالباطل فی هذه الآیة الشریفة قد جعلت ردیفاً لأتباع الشیطان المرید، و هذا یعنی أنّ الإنسان إذا صار فی خطّ الجدل و المراء و تعامل فی حواره مع الآخرین بلغة التعصّب و الإبتعاد عن المنطق فإنه یکون قرین « الشیطان المرید».

 ونقرأ فی الروایات الإسلامیة ما یؤکد هذا المضمون من أن أحد الحجب والموانع المهمة للإیمان والوصول إلى مرتبة الیقین هو الجدال بالباطل والمناقشة مع الطرف المخالف بلغة الإتهام وعدم التمسک بالبرهان المنطقی والعقلانی، فقد ورد عن النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) قوله :

 «ما ضَلَّ قَوْمٌ إلاّ أَوْثَقُوا الْجِدالَ»(1).

 فطبقاً لهذه الروایة الشریفة أن العامل الوحید للضلالة والإبتعاد عن الحقّ هو البحث غیر المنطقی والجدال من موقع الخصومة والتعصّب المذهبی.

 سؤال : لماذا کانت جمیع أسباب وعوامل الضلالة والزیغ تمتد بجذورها إلى الجدال بالباطل ؟

 الجواب : لأن الإنسان لو وجد فی نفسه إذعاناً وتسلیماً للحقّ فإنّ الدعاة إلى الحقّ کثیرون فی هذه الدنیا وبإمکان الإنسان أن یجد طریق الهدایة والإیمان الصحیح بیسر وسهولة، وقد ورد أن الإمام موسى بن جعفر (علیهما السلام) فی جوابه لهارون الرشید عندما طلب منه الموعظة والنصیحة قال :

 «ما مِنْ شَیء تَراهُ عَیْناکَ إلاّ وَفِیهِ مَوْعِظَةٌ»(2).

 أی أن جمیع ما فی الأرض من کائنات ومخلوقات وظواهر طبیعیة هی فی الحقیقة موعظة لمن فتح قلبه على الله والحقّ، فالسماء بکلِّ ما تحوی مجرّات عظیمة وشموس منیرة ما هی إلاّ موعظة، ظاهرة الزمان والمکان موعظة، الحوادث المفرحة والمرّة موعظة، أجل فکلّ هذه الاُمور تکون موعظة بشرط أن یتمتع الإنسان باُذنٌ واعیة وعینٌ بصیرة وفؤاد حیّ.

 وتأسیساً على هذا فإنّ الحقّ لا یخفى على طلاّب الحقّ وعشّاق الحقیقة، ومن وقع فی وادی الضلالة والإنحراف فإنه یعانی من مشکلة فی واقعه النفسانی قبل کلِّ شیء وبالتالی یعیش مرض الجدال بالباطل.

 وقد أتّضح ممّا تقدّم أنه لا تفاوت بین المباحث والمواضیع الدینیة والأخلاقیة والسیاسیة وأمثال ذلک، فمثلاً ما نقرأه فی الصحف والإعلام حول المسائل السیاسیة یتدخل فیه هذا العنصر بالذات، أی أن کلُّ طرف من الأطراف المتنازعة لا یرید أن یذعن ویسلّم للحقّ بل یرید أن یحکّم رأیه ویفرض نظره على الآخرین بعیداً عن معاییر الحقِّ والإنصاف، وإلاّ فإنّ تشخیص الحقّ فی المسائل السیاسیة لا یکون مشکلاً وعسیراً أیضاً، ولکن عندما تتدخل المسألة فی إطار التعصّب المذهبی والمنافع الشخصیة والحزبیة فإنّ الإنسان یبتعد عن أجواء الحقّ وسیختفی نور الحقّ بغشاوة سمیکة من ظلمات الأهواء النفسانیة.

 ونقرأ فی روایة اُخرى عن أمیرالمؤمنین ومولى المتقین أنه قال :

 «اَلْجَدَلُ فِی الدِّینِ یُفْسِدُ الْیَقِینَ»(3).

 لأن الإنسان عندما یعیش حالة الجدل الدائم مع الآخرین فتدریجیاً یطرح رغباته ومیوله وأفکاره الشخصیة المستوحاة من الأهواء النفسیة فی لباس الدین والمذهب ویتصور أن هذا الرأی ما هو إلاّ قراءة سلیمة للدین وللمفاهیم القرآنیة.

 والخلاصة أنه ورد النهی الشدید والأکید فی الآیات والروایات الشریفة عن الجدل بالباطل، وأما الجدل بالحقّ والحوار المنطقی والهادف والذی یقوم على أساس الأدلّة والبراهین العقلیّة ویکون الهدف منه هو إیضاح الحقیقة واستجلاء کوامن الحقّ من دون أن تکون رغبة لدى الطرفین فی الإستعلاء والغلبة والتفوق على الخصم فإنّ مثل هذا الجدال والحوار لیس فقط لا إشکال فیه بل هو مأمور به من قبل الله تعالى، حیث نقرأ فی الآیة 125 من سورة النحل قوله :

 (وَجادِلْهُمْ بِالَّتی هِیَ أَحْسَنُ).


1 . بحار الأنوار : ج 2، ص 138.
2 . میزان الحکمة : باب 4120، ح 21711.
3 . میزان الحکمة : باب 492، ح 2285.

 

توصیات آیة الولایة والإنذار2 ـ الإقتداء بالهادی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma