إنّ ظاهر الآیة الشریفة هی أن الإیمان والعمل الصالح لا یستوجبان فقط نفوذ المحبّة فی قلوب المؤمنین بالنسبة إلى ذلک الشخص بل إنّ شعلة هذه المحبّة تسری إلى قلوب غیر المؤمنین وتعمل على تسخیرها ولهذا فإنّ أعداء الإمام علی (علیه السلام) أیضاً یشعرون بالمحبّة له رغم أن أهواءهم النفسانیة لا تسمح لهم بإظهار هذا الحبّ ولکن قد یفلت من کلماتهم هذا الأمر.
وهذا ما ورد فی کتب التاریخ مراراً من أن معاویة کان یسأل من بعض شیعة الإمام علی(علیه السلام) عند ملاقاتهم به عن حالات أمیرالمؤمنین وأفعاله، وبعد أن یستمع لما یذکرونه من ثناء ومدح لأمیرالمؤمنین یؤیدهم فی ذلک(2).
وأما عمرو بن العاص وهو الرجل الثانی من قادة العصیان والتمرد والإنحراف والذی یعدّ الشریک الأوّل لجرائم معاویة بل إنّ معاویة کان یأتی بالدرجة الثانیة فی المکر والحیلة والإفساد بعد عمرو بن العاص، هذا الشخص یقول فی قصیدته المعروفة باسم «الجلجلیّة»(3)
یعترف فیها بالجرائم التی ارتکبت فی زمن معاویة وکذلک فی فضائل الإمام علی (علیه السلام)ویقول :
مُعاوِیَةُ الْحالَ لا تَجْهَل *** وَعَنْ سُبُلِ الْحَقِ لا تَعْدِل
وَکِدْتُ لَهُمْ اَنْ اَقامُوا الرُّماحَ *** عَلَیْهَا الْمَصاحِفَ فِی الْقَسْطَل
نَسیتَ مُحاوَرَةَ الاَْشعَری *** وَنَحْنُ عَلى دُومَةِ الْجَنْدَل ؟
خَلَعْتُ الْخِلافَةَ مِنْ حَیْدَر *** کَخَلْعِ النَّعالِ مِنْ الاَْرْجُل
وألبستها فیک بعد الأیاس *** کلبس الخواتیم بالأنمل
وکم قد سمعنا من الْمُصْطَفى *** وَصَایَا مُخَصَّصَةً فِی عَلِیٍّ ؟
وَفِی یَوْمِ خُمٍّ رَقى مِنْبراً *** یُبَلّغُ والرَّکْبُ لَمْ یَرْجُل
وَفِی کَفِّهِ کَفِّهِ مُعْلِناً *** یُنادِی بِاَمْرِ الْعَزیزِ الْعَلِیّ
وَقالَ فَمَنْ کُنْتُ مَوْلىً لَهُ *** فَهذا لَهُ الْیَوْمَ نِعْمَ الْوَلِیّ
وَاِنّا وَما کَانَ مِنْ فِعْلِنا *** لَفِی النّارِ فِی الدَّرْکِ الاَْسْفَلِ(4)