(فَتَلقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ کَلِمات فَتابَ عَلَیْهِ) فبعد أن جرى ما جرى من وسوسة إبلیس وإخراج آدم وحواء من الجنّة التفت آدم إلى أنه ظلم نفسه، وبسبب وساوس الشیطان تمّ إخراجه من تلکم الأجواء المرفّهة وذلک النعیم العظیم حیث خرج بعدها إلى أجواء المشقّة والبلاء فی الحیاة الدنیا، ثمّ إنّ آدم فکّر هنا وصمم على جبران الخطأ الذی صدر منه وتوجه بکلِّ وجوده إلى الله تعالى فی حالة من الندم الشدید والحسرة العظیمة، فشمله لطف الله تعالى فی هذا الحال کما تقول الآیة الشریفة :
(فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ کَلِمات فَتابَ عَلَیْهِ اِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحیمُ).
وأما ما هی هذه الکلمات وما هو المراد منها ؟ فسیتّضح ذلک فی المباحث اللاحقة.
(اِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحیمُ) التوبة فی الأصل بمعنى «الرجوع» ووردت فی الآیات القرآنیة بمعنى الرجوع من الذنب، هذا فیما لو نسبت هذه الکلمة إلى الشخص المذنب، ولکن أحیاناً تنسب هذه الکلمة إلى الله تعالى وتعنی حینئذ الرجوع بالرحمة على العبد، أی الرحمة التی سلبت من العبد بسبب معصیته وارتکابه للذنب تعود إلیه عندما یتحرک هذا الإنسان فی خطّ الطاعة والإنابة إلى الله تعالى.
وعلى أیّة حال فإنّ الجملة أعلاه «اِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحیمُ» هی السبب فی قبول توبة آدم.