تفسیر آیة الصادقین بضمیمة الآیات الاُخرى

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
آیـات الولایـة فی القرآن
نظریة علماء أهل السنّةالصادقین فی الروایات

 لو جلسنا فی مقابل القرآن جلسة التلمیذ وأبعدنا أذهاننا عن المسبوقات الذهنیة والمذهبیة وتدبرنا فی آیات هذا الکتاب العظیم بإخلاص ورغبة صادقة فإنّ القرآن الکریم یعرّف لنا الصادقین فی آیات اُخرى حیث یقول تعالى فی الآیة 15 من سورة الحجرات :

 (إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ یَرْتابُوا وَجاهَدُوا بأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِی سَبیِلِ اللهِ اُولئِکَ هُمُ الصَّادِقُون).

 فطبقاً لهذه الآیة الشریفة فإن «الصادقین» مضافاً إلى إیمانهم بالله ورسوله أو إیمانهم بالمبدأ والنبوّة التی یشترک فی هذه العقیدة جمیع المسلمین فإنّهم یختصون بخصوصیات اُخرى لا یشترک معهم سائر المسلمون :

 1 ـ إنهم بعد الإیمان بالله ورسوله لم یعیشوا الریب والشک ولا للحظة واحدة بل کانوا یعیشون الإیمان والیقین الراسخ فی جمیع مراحل حیاتهم.

 2 ـ والآخر أن هذا الإیمان المذکور لم ینحصر فی عالم القلب واللسان فحسب، بل إنّ آثاره تجلت بوضوح على مستوى الممارسة والعمل، ولهذا فإنّهم یتحرکون فی جهادهم فی سبیل الله من موقع القرب من الله وبدافع من طلب رضاه فقط لا بدوافع اُخرى فیبذلون المال والأنفس فی هذا السبیل.

 ومع الإلتفات إلى هاتین الخصوصیتین النادرتین یجب علینا التفتیش والفحص بین أصحاب الرسول الأکرم لنعثر على الشخص الذی یتمتّع بهذه الصفات والخصوصیات ویکون من الصادقین.

 ولدى رجوعنا لتاریخ صدر الإسلام نصل إلى هذه الحقیقة، وهی أن الشخص الوحید الذی یتمتع بهذه الصفات هو علیّ بن أبی طالب (علیه السلام) لأن جمیع حیاته کانت ملیئة بالجهاد بالمال والنفس ولم یشک أو یتردد طرفة عین فی إیمانه وعقیدته.

 ومن أجل إثبات هذه الحقیقة نذکر ثلاث وقائع مختلفة مما یذکره التاریخ الإسلامی عن حیاة هذا الإمام وجهاده بالمال والنفس وإیمانه الراسخ بالله ورسوله :

 1 ـ عندما تحرک المشرکون فی مکّة للقضاء على الإسلام وتآمروا فی کیفیة الطریق إلى تحقیق هذه الغایة وصممّوا على تنفیذ مؤامرة قتل النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله). ومن أجل أن لا تقوم عشیرة النبی (صلى الله علیه وآله) بالإنتقام من القاتل أو الإقتصاص منه قرّروا أن یقوم بهذه العملیة عدّة أشخاص من جمیع القبائل فاختاروا لذلک أربعین شخصاً من الأقویاء والشجعان فی القبائل العربیة لیهجموا على بیت النبوّة لیلاً وینفّذوا هذه العملیة.

 ولکنّ الله تعالى أخبر نبیّه الکریم بواسطة الوحی بهذه المؤامرة الخطیرة، فقام النبی لأجل التخلص من هذه المؤامرة بالهجرة إلى المدینة ولکن من أجل أن لا یلتفت الأعداء إلى غیبته لزم أن یختار شخصاً شجاعاً مستعداً للموت لینام على فراش النبی فی اللیلة المقررة فکان أن اختار النبی الإمام علی (علیه السلام) لهذه المهمة.

 وطبقاً للروایات(1) الواردة فی هذه الحادثة فإن رسول الله قال لأمیرالمؤمنین (علیه السلام)عندها :

 إننی قد اُمرت أن اُهاجر إلى المدینة ولکنّ هناک أربعین رجلاً مسلّحاً من أربعین قبیلة یحاصرون هذا البیت وینتظرون طلوع الفجر لیهجموا على هذا البیت ویقتلوننی فهل أنت یا علیّ مستعد لتنام فی فراشی لأتمکن من التحرک نحو المدینة ؟

 فأجاب علی (علیه السلام) الذی ملأ قلبه العشق للنبیّ وللرسالة ولم یتردد أو یشک لحظة فی إیمانه وعقیدته : «یا رسول الله إذا أنا نمت فی فراشک فهل تصل سالماً إلى المدینة ؟»

 کان هذا السؤال مهماً جداً بالنسبة إلى الإمام علی (علیه السلام) فلم یسأل عن مصیره هو والخطر المحدق به فی هذه اللیلة بل کان فکره مشغولاً فقط بسلامة معشوقه وحبیبه رسول الله (صلى الله علیه وآله).

 وقال له رسول الله (صلى الله علیه وآله) : نعم سأصل سالماً إن شاء الله.

 فوقع الإمام علی (علیه السلام) من فوره على الأرض ساجداً لله تعالى سجدة الشکر على سلامة الرسول ولعلّ هذه کانت أوّل سجدة شکر فی الإسلام.

 فهل نجد شخصاً غیر علی ابن أبی طالب یعیش العشق والحبّ لرسول الله (صلى الله علیه وآله)إلى هذه الدرجة ؟

 نحن بدورنا نعشق هذا الإمام ونتّبع فی عقیدتنا وسلوکنا هذا الإنسان الکامل.

 وهکذا نام الإمام علی (علیه السلام) فی فراش النبی ووصل النبی سالماً إلى المدینة فلما أصبح الصباح هجم الأعداء على بیت النبی فنهض الإمام علی (علیه السلام) عندما سمع الضجة من فراشه، فوجد الأعداء أن هذا النائم لیس هو مرادهم ومقصودهم فسألوا علیّاً : أین محمّد ؟

 وبدون أن تتخلل ذرة من الخوف فی قلب الإمام علی (علیه السلام) قال : وهل أودعتموه عندی حتّى تسألوا هذا السؤال ؟

 فبهت الأعداء من هذا الجواب القاطع لهذا الشاب الشجاع وقالوا فیما بینهم : إنّ هذا شاب ساذج وقد خدعه محمّد (صلى الله علیه وآله).

 فلمّا سمع الإمام علی (علیه السلام) ذلک منهم وأنهم یتحدّثون عن حبیبه بلغة الإهانة قال لهم کلاماً جمیلاً جداً وعمیق المغزى :

 إنّ اللهُ قَدْ أَعْطانِی مِنَ الْعَقْلِ ما لَوْ قُسِّمَ عَلى جَمِیع حُمَقاءِ الدُّنیا وَمَجانِینها لصارُوا بِهِ عُقَلاء وَمِنَ القُوَّةِ ما لَوْ قُسِّمَ عَلى جَمِیعِ ضُعَفاءِ الدُّنْیا لَصارُوا بِهِ أَقْویاءَ، وَمِنَ الشُّجاعَةِ ما لَوْ قُسِّمَ عَلى جَمیعِ جُبَناءِ الدُّنْیا لَصارُوا بِهِ شَجْعاناً.(2)

 عندما سمع الأعداء هذا الجواب تملکهم الیأس وأطرقوا برؤوسهم خارجین من المنزل.

 فلو کان لدى الإمام علی (علیه السلام) ذرة من الشک والتردد بالنسبة إلى إیمانه بالله والرسول فهل یعقل أن یخاطر بحیاته مثل هذه المخاطرة ؟

 2 ـ فی واقعة اُحد تمکن الأعداء من تحقیق نصر عسکری على المسلمین بسبب غفلة المسلمین وطمعهم فی حطام الدنیا ومضافاً إلى ذلک فقد استفاد الأعداء من هذه الغفلة وتحرکوا من موقع الحرب النفسیة ضد المسلمین حیث صاح أمیرهم لما رأى النبی (صلى الله علیه وآله)جریحاً فی میدان القتال «لقد قُتل محمّد !» ولما سمع المسلمون هذا النداء هرب الکثیر منهم من میدان القتال کما تقول الروایة، ولکنّ الإمام علی (علیه السلام)الذی کان مؤمناً بانتصار الإسلام وبوعد الله تعالى ولم یتردد لحظة فی هذه العقیدة الراسخة لم یلتفت إلى هذا النداء وبقی مستمراً فی قتال الأعداء حتّى أصاب جسده الشریف جراح کثیرة ولکنه استمر فی القتال والدفاع عن رسول الله (صلى الله علیه وآله) بحیث أدّت شجاعته وإیمانه وسعیه البالغ فی دفع الخطر عن النبی(صلى الله علیه وآله) إلى إجهاض کید العدو وأدرک المسلمون أن النبی (صلى الله علیه وآله) لم یقتل لحد الآن، ولذلک عاد الکثیر منهم إلى میدان القتال، وعلى أیّة حال انتهت الحرب بکلِّ ما تضمنته من صعوبات وتحدیات واندحر الأعداء وهم مصابون بالیأس من الغلبة على الإسلام وتوجهوا إلى مکّة، وهکذا اُصیب الإمام علی (علیه السلام)فی هذه المعرکة بما یقارب من 90 جرحاً فأرسل له النبیّ (صلى الله علیه وآله)طبیبین لیعالجاه ویضمدا جراحه ولکنهم سرعان ما عادوا إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله) وهما یقولان : یا رسول الله إنّ جراح علی ابن أبی طالب إلى درجة من الکثرة والتقارب بحیث أننا کلّما سعینا لمعالجة جرح انفتح علینا جرح آخر.

 یقول الشبلنجی العالم المعروف لدى أهل السنّة فی کتاب «نور الأبصار» : إنّ علیّ بن أبی طالب بعد واقعة اُحد قال لرسول الله (صلى الله علیه وآله) : لقد أصابتنی فی هذه المعرکة الشدیدة مع المشرکین ستة عشر ضربة عمیقة بحیث إننی وقعت على الأرض أربع مرّات وفی کلّ مرّة کنت أرى شخصاً نورانیاً یساعدنی على النهوض من الأرض ویقول : انهض ودافع عن رسول الله، فمن هو یا رسول الله ؟(3)

 قال النبیّ (صلى الله علیه وآله) : لتقر عینک یا علیّ هذا جبرئیل أمین الوحی.

 نعم إنّ هذة الواقعة یصدقها القرآن الکریم بقوله : (إنَّ الَّذینَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلیْهِمُ الْمَلائِکَةُ أَلاّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأبْشِروا بِالْجَنَّةِ الَّتی کُنْتُمْ تُوعَدُونَ)(4).

 والخلاصة هی أن هذه الحادثة تدلُّ على المرتبة العلیا لجهاد الإمام علی (علیه السلام)بماله ونفسه من جهة وکذلک على إیمانه الراسخ ویقینه القوی بالله ورسوله وما وعده الله تعالى من نصر الإسلام على المشرکین من جهة اُخرى. إذن فهو مصداق کلمة «الصادقین» فی هذه الآیة الشریفة.

 3 ـ وفی حرب الأحزاب عندما تقدّم عمرو بن عبدود العامری بطل العرب وعبر الخندق وأخذ ینادی المسلمین ویطلب البراز فلم یستجب له إلاّ علیّ بن أبی طالب (علیه السلام)وتکرر هذا العمل ثلاث مرّات وفی کلّ مرّة ینهض الإمام علی (علیه السلام) من مکانه وهو مستعد لمبارزته.

 وهکذا توجه علی بن أبی طالب نحو هذا العدو الغاشم بإیمان راسخ وشجاعة عظیمة فدعى له رسول الله (صلى الله علیه وآله) بالنصر، ثمّ إن المعرکة بین علی وعمرو بن عبدود انتهت بغلبة الإسلام على الکفر، وانتصر الإمام علی (علیه السلام) على عدوه فی هذه المواجهة والمبارزة.

 وبینما کان الإمام علی (علیه السلام) جالساً على صدر عمرو بن عبدود لحزّ رأسه، بصق عمرو فی وجه الإمام علی (علیه السلام) وشتمه(5) فما کان من الإمام علی (علیه السلام) إلاّ أن نهض وأخذ یتمشّى فی میدان المعرکة، وکان المسلمون ینظرون إلى مجریات الحادثة بدقة وتعجب، وبعد دقائق عاد بطل حرب الأحزاب إلى مکانه وقطع رأس عدو الله.

 وبعد هذه الحادثة سُئل الإمام علی (علیه السلام) عن سبب قیامه وانتظاره لحظات قبل أن یقدم على قتل عمرو فقال :

 قَدْ کانَ شَتَمَ اُمِّی وَتَفَلَ فی وَجْهی فَخَشِیتُ أَنْ أَضْرِبَهُ لِحَظِّ نَفسی فَتَرَکْتُهُ حَتَّى سَکَنَ ما بی ثُمَّ قَتَلْتُهُ فِی اللهِ.(6)

 وفی هذا یقول الشاعر الشیخ الازری (رحمه الله) وهو یحکی هذه الواقعة المهمّة :

ظهرت منه فی الورى سطوات *** ما أتى القوم کلّهم ما أتیها

یوم غصّت بجیش عمرو بن ودّ *** لهوات الفلا وضاق فضاها

فدعاهم وهم الوف ولکن *** ینظرون الذی یشبّ لظاها

فابتدى المصطفى یحدث عما *** یوجر الصابرون فی اُخریها

فالتووا عن جوابه کسوام *** لا تراها مجیبة من دعاها

فإذا هم بفارس قرشی *** ترجف الأرض خیفة أن یطاها

قائلاً ما لها سوای کفیل *** هذه ذمة علیّ وفاها

فانتضى مشرفیه فتلقى *** ساق عمرو بضربة فبراها

یا لها من ضربة حوت مکرمات *** لم یزن ثقل أجرها ثقلاها

هذه من علاه احدى المعالی *** وعلى هذه فقس ما سواها

 وعلى هذا الأساس فإنّ علائم الإیمان الراسخ مشهودة فی حیاة الإمام علی (علیه السلام) کلّها، وحینئذ نفهم جیّداً بالإستفادة من القرائن وبمعونة الآیات القرآنیة الاُخرى أن المراد من «الصادقین» هو علیّ بن أبی طالب (علیه السلام).


1 . وقد أورد المحدّث القمّی (رحمه الله) فی منتهى الآمال : ج 1، ص 110 هذه الواقعة بالتفصیل.
2.بحار الأنوار: ج19،ص 83
3 . نور الأبصار : ص 97.
4 . سورة فصّلت : الآیة 30.
5 . بحار الأنوار : ج 21، ص 26.
6 . بحار الأنوار : ج 41، ص 51 (نقلاً من مظهر الولایة : ص 365).

 

نظریة علماء أهل السنّةالصادقین فی الروایات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma