2 ـ التعارض بین الوجوب والإستحباب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
آیـات الولایـة فی القرآن
1 ـ سورة الإنسان مکّیة3 ـ آیات سورة الدهر عامة أو خاصّة ؟

 وهنا یثار سؤال : هل یلیق بالإمام علی (علیه السلام) أن یدفع طعامه وطعام أهل بیته الذین تجب نفقتهم علیه إلى السائل ؟ فی حین أن الله تعالى یقول فی الآیة 219 من سورة البقرة ضمن الإجابة على السؤال الذی تقدّم به بعض المسلمین إلى النبی (صلى الله علیه وآله) عمّا یصحّ لهم إنفاقه، فقال :

 (قُلِ الْعَفْوَ) أی ما زاد على الضروری واللازم فی حیاة الإنسان.

 فإذا کانت آیات سورة الدهر نزلت فی حقّ علیّ وأهل بیته (علیهم السلام) إذن فلماذا تبرع الإمام بالطعام الذی یحتاجونه إلى السائل ؟

 الجواب : إنّ هذا الکلام یثیر العجب واقعاً وخاصّةً فیما لو صدر من شخص یدّعی المعرفة والعلم، لأنّ مثل هذه المعاذیر والحجج تشیر إلى معالم الجهل وعدم الإطلاع، وتوضیح ذلک أن «الإنفاق» شیء و«الإیثار» شیء آخر، ومع الأسف أن من یطرح هذا الإشکال لا یدرک التفاوت بین الإنفاق والإیثار.

 ونقرأ فی الآیة التاسعة من سورة الحشر فی وصف الأنصار :

 (وَیُؤْثِرُونَ عَلى أنْفُسِهِمْ وَلَوْ کَانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ).

 إنّ بعض الأشخاص قد یصلون فی مرتبة الکمال المعنوی إلى درجة ومقام «الإیثار»، فعلى رغم حاجتهم الشدیدة ینفقون ما یحتاجونه على الآخرین.

 وقد ورد فی شأن نزول هذه الآیة : «أن شخصاً أتى رسول الله (صلى الله علیه وآله) فشکى إلیه الجوع، فبعث رسول الله (صلى الله علیه وآله) إلى منزله، فقالت له زوجته : ما عندنا إلاّ الماء، فقال رسول الله : من لهذا الرجل اللیلة ؟ فتعهده رجل من الأنصار وصحبه إلى بیته ولم یکن لدیه إلاّ القلیل من الطعام لأطفاله، وطلب أن یؤتى بالطعام إلى ضیفه وأطفأ السراج، ثمّ قال لزوجته : نوّمی الصبیة، ثمّ جلس الرجل وزوجته على سماط الطعام فتظاهروا بالأکل ولم یضعوا شیئاً فی أفواههم، وظنّ الضیف أنهم یأکلون معه، فأکل حتّى شبع وناموا اللیلة، فلما أصبحوا قدموا على رسول الله (صلى الله علیه وآله)فنظر إلیهم وتبسّم (دون أن یتکلم)، فنزلت الآیة أعلاه وأثنت على إیثارهم»(1).

 وعلى هذا الأساس فإن من یطرح مثل هذه الشبهة فإنه لم یقرأ جمیع آیات القرآن الکریم، وإلاّ فلا ینبغی الشکّ بأن مقام الإیثار أعلى مرتبة من مقام الإنفاق بحیث لا یناله إلاّ من اُوتی حظاً عظیماً من الإیمان والخلوص، ولذلک یعد الإیثار من الصفات الخاصّة بالمؤمنین الحقیقیین.

 مضافاً إلى أن الإمام علی (علیه السلام) کما ورد فی قصة سورة الدهر لم یقدم إلى السائل سوى طعامه فقط لا طعام جمیع أفراد الاُسرة، ثمّ إنّ فاطمة الزهراء (علیها السلام) قدّمت طعامها إلى السائل بکلّ اختیار ورغبة وهکذا صنع الحسن والحسین (علیهما السلام) وهذا یدلُّ على غایة الإیثار الذی یذکره القرآن الکریم من موقع الثناء والمدح.

 وأمّا فی مورد قوله تعالى (قُلِ الْعَفْوَ) فهناک نظریتان فی المراد منها، إحداهما أن المراد من «العفو» هو الشیء الزائد عن حاجة الإنسان(2)، ولکن الإحتمال الثانی هو أن یکون «اَلْعَفْوُ هُوَ الطَّیِّبُ مِنَ الْمالِ» ولذلک لابدّ من التصدّق على الفقیر والمسکین من هذا النوع من الأموال(3) لا کلّ ما زاد عن حاجة الإنسان واستغنى عنه فی حیاته فإنّه یقوم بالتصدّق به إلى الفقراء، لأنه فی هذه الصورة سوف لا یصل إلى حقیقة البر والإحسان فی قوله تعالى (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ)(4).

 وعلیه فإنّ قوله (قُلِ الْعَفْوَ) یحتمل قویاً أن یراد به التوصیة ببذل أفضل ما بأیدی الإنسان من أموال ووسائل إلى الفقراء لا أنه یتصدّق بما لا یحتاج إلیه، وهذا هو معنى الإیثار الذی أشارت إلیه آیات سورة الدهر.

 وبالإلتفات إلى ما تقدّم آنفاً فإننا لا نجد تنافیاً بین آیة «قُلِ الْعَفْوَ» وبین شأن نزول آیات سورة الدهر، بل وأکثر من ذلک فإنها منسجمة معها ومؤیدة لها.


1 . التفسیر الامثل : ذیل الآیة مورد البحث.
2 . الکشّاف : ج 1، ص 262.
3 . ورد الإحتمال الأوّل والثانی واحتمالات اُخرى أیضاً فی التفسیر الامثل : ج 2، ذیل الآیة 219 من سورة البقرة.
4 . سورة آل عمران : الآیة 92.

 

1 ـ سورة الإنسان مکّیة3 ـ آیات سورة الدهر عامة أو خاصّة ؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma