للتوسل أقسام مختلفة :
1 ـ تارةً یکون المخاطَب لنا هو النبی أو الإمام نفسه، من قبیل ما ورد فی دعاء التوسل حیث یخاطب الداعی کلُّ واحد من المعصومین فرداً فرداً ویطلب من هؤلاء الطاهرین أن یشفعوا له عند الله بما لدیهم من الجاه والمقام والکرامة عنده، ففی هذا النوع من التوسل نحن نطلب حاجتنا فی الحقیقة من الله تعالى ونجعل هؤلاء المعصومین وسائط فی هذا الطلب.
2 ـ وتارةً اُخرى یکون المخاطَب هو الله تعالى، ولکنّ الداعی یخاطب الله تعالى بحقِّ الشخص الذی یعتبره وجیهاً عند الله لیضمن استجابة حاجته وطلبه کما توسل آدم إلى الله تعالى بالخمسة الطاهرین :
«اَللّهُمَّ یا حَمیدُ بِحَقِّ مُحَمَّد وَیا عالِیُ بِحَقِّ عَلِیٍّ وَیا فاطِرُ بِحَقِّ فاطِمَةَ وَیا مُحْسِنُ بِحَقِّ الْحَسَنِ وَیا قَدیمَ الاِْحْسانِ بِحَقِّ الْحُسَیْنِ».
وفی هذا النحو من التوسل یطلب المتوسل حاجته من الله أیضاً ویجعل کرامة هؤلاء الأولیاء واسطة لضمان الإستجابة.
3 ـ وفی قسم ثالث یکون الله تعالى هو المخاطَب أیضاً ولکننا نقسم علیه بحقِّ الشخص الذی له وجاهة عند الله لیستجیب لنا دعاءنا ویقضی حاجتنا، من قبیل أن یقال : إلهنا نقسم علیک بنبی الإسلام أو بالقرآن الکریم أو بغیر ذلک من المقدّسات، إلاّ ما قضیت حاجتنا.
ولکنّ الوهابیین یحرّمون جمیع أقسام وأنواع التوسل هذه ویعتبرونها نوعاً من الشرک، وهنا نلفت النظر إلى بعض مقولات رموزهم وعلمائهم :
1 ـ یقول محمّد بن عبدالوهاب فی کتابه «التوحید» الذی ینبغی أن یسمّى بکتاب «الشرک» :
إنّ هذا الشّرک الأکبر(1) (أی التوسل).
2 ـ یقول الصنعانی أحد علماء الوهابیة أیضاً :
من توسّل بمخلوق فقد أشرک مع الله غیره واعتقد ما لا یحلّ اعتقاده.(2)
3 ـ ویقول ابن تیمیة المؤسس الحقیقی للفکر الوهابی :
من توسّل بعظیم عند الله... فهذا من أفعال الکفّار والمشرکین.(3)
والخلاصة هی أن من یعتقد بمذهب الوهابیة یرى أن أی نوع من التوسل هو شرک بالله تعالى وأن المتوسل منحرف عن الإسلام الحقیقی، ولذلک یتحرکون فی مکّة والمدینة بذریعة «الشرک» و «البدعة» من موقع إلحاق الأذى وإیجاد المشاکل لحجاج بیت الله الحرام وزوار المدینة المنورّة.
1 . نقلاً من کشف الإرتیاب : ص 301.
2 . تطهیر الإعتقاد نقلاً من کشف الإرتیاب : ص 301.
3 . کشف الإرتیاب : ص 302.
