ورد فی روایة أن أهل الجنّة عندما یشربون هذا الشراب فإنه :
«یُطَهِّرُهُمْ مِنْ کُلِّ شَیْء سَوَى اللهِ»(1).
ویقول النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) فی حدیث آخر عن آثار هذا الشراب الطهور فی نفوس أهل الجنّة أنه :
«فَیُطَهِّرُ اللهُ بِهَا قُلُوبَهُمْ مِنَ الْحَسَدِ».(2)
إنّ الحسد یُعد أحد الرذائل الأخلاقیة التی یبتلى بها البشر فی حرکة الحیاة الدنیا، فأحیاناً یمتلک الإنسان جمیع النعم الدنیویة والإمکانات المعیشیة فی هذه الحیاة ولکنه مع ذلک لا یتحمل أن یرى الآخرین یمتلکون أیضاً مثل هذه الإمکانات والنعم ویعیشون براحة وسعادة، فالحسد بمثابة السجن الذی یسلب من الحاسد طعم الراحة والإستقرار ویورده فی وادی الضلالة والشقاء، وعلى أیّة حال فإنّ أحد المعطیات المهمّة للشراب الطهور هی إزالة هذه الرذیلة من واقع الإنسان وتطهیر قلبه من هذه الصفة الأخلاقیة الذمیمة.
سؤال : إنّ الآیات الشریفة محل البحث قد ذکرت نِعم ومواهب مختلفة وتطرّقت إلى ذکر التفاصیل والجزئیات لبعض هذه النِعم بصورة دقیقة ولکنّها لم تذکر أحد النِعم المهمّة التی طالما ذکرها القرآن الکریم لأهل الجنّة، وهی النعمة التی تخطر على بال کلّ إنسان، أی نعمة «حور العین» فلا نجد کلاماً حول هذه النعمة المهمة فی هذه الآیات الشریفة، فما هو السبب فی ذلک ؟
الجواب : یرى بعض المفسّرین(3) أنّ الآیات الشریفة أعلاه نزلت لتتحدث عن فاطمة الزهراء (علیها السلام)، ولم یذکر الله تعالى نعمة «حور العین» فیها احتراماً لفاطمة الزهراء، وهذا شاهد آخر فی شأن نزول هذه الآیات وأنها نزلت فی الإمام علی (علیه السلام) وأهل بیته، وإلاّ فلا مبرر لعدم ذکر الحور العین فی عداد النعم والمواهب الإلهیة فی الجنّة.
والخلاصة أنّ هذه النِعم الإثنی عشر الواردة ضمن أربعة عشر آیة من هذه السورة خاصة بـ «الأبرار» الذین یقف على رأسهم الإمام علی وفاطمة والحسن والحسین (علیهم السلام).
1 . بحار الأنوار : ج 8 ، ص 113.
2 . بحار الأنوار : ج 8 ، ص 157.
3 . روح المعانی : ج 29، ص 158.
