1 ـ وفقاً لبعض آیات القرآن الکریم فإنّ المحبّة یجب أن تقود الإنسان للطاعة والعبودیة، حیث یقول تبارک وتعالى فی الآیة 31 من سورة آل عمران :
(قُلْ إنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونی یُحْبِبْکُمُ اللهُ وَیَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحیمٌ).
وعلى هذا الأساس فإنّ الإنسان إذا أحبّ شخصاً وجب علیه إطاعته، ونحن عندما ندّعی محبّة أهل البیت (علیهم السلام) یجب علینا اتباعهم واطاعتهم وإلاّ فإنّ إدّعاءنا المحبّة والمودّة لا یکون صادقاً، وسنتطرق لاحقاً إلى شرح أکثر حول معطیات هذه الآیة الشریفة.
2 ـ تقدّم أن آیة المودّة تدلُّ مع قطع النظر عن جمیع الروایات والآیات الاُخرى على ولایة وإمامة أمیرالمؤمنین والأئمّة المعصومین (علیهم السلام) ومع الأخذ بنظر الإعتبار الروایات الواردة فی شأن نزولها فإنّ دلالتها ستکون أوضح بکثیر، وإذا وضعنا هذه الآیة إلى جانب الآیات الاُخرى المتعلّقة بالولایة مثل آیة إکمال الدین، آیة التبلیغ، آیة الصادقین وآیات مماثلة اُخرى فإنّ دلالتها ستکون واضحة جدّاً.
3 ـ أما الآلوسی المفسّر المعروف من أهل السنّة فقد ذکر إشکالین فی تفسیره «روح المعانی» وقد اتّضح جوابهما من خلال الأبحاث السابقة، ولذلک سنکتفی هنا بذکر هذین الإشکالین فحسب :
الف : کیف طلب رسول الله (صلى الله علیه وآله) من المسلمین محبّة ومودّة ذوی القربى بعنوانها أجر الرسالة فی حین لم یطلب سائر الأنبیاء مثل هذا الأجر من أقوامهم ؟
والجواب على هذا السؤال کما تقدّم هو أن هذا الأجر یعود بالفائدة على جمیع أفراد المجتمع الإسلامی لا على الرسول (صلى الله علیه وآله) نفسه.
ب : لو سلّمنا بأن المراد من القربى هنا هم أهل بیت النبی (صلى الله علیه وآله) والمفروض محبّتهم ومودّتهم، ولکن ما العلاقة بین هذه المودّة من جهة وبین الإمامة والخلافة من جهة اُخرى کما یدّعی الشیعة ؟
والجواب على هذا السؤال أیضاً واضح، حیث إنّ أجر الشیء لابدّ وأن یماثله فی القیمة ویتطابق معه فی الإعتبار، والمحبّة التی تفضی إلى الولایة والإمامة هی التی تنسجم وتتناسب مع الرسالة، وأما المحبّة العادیة والفارغة من الولایة فلا شکّ أنها بعیدة عن مضمون الرسالة، وبما أننا نعتقد بأن الله تعالى حکیم ویجازی الأعمال بمثلها وبما یناسبها من الجزاء، وکذلک النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) حکیم أیضاً ولا یطلب إلاّ الأجر المناسب أیضاً، یکون المراد بلا شکّ من المحبّة مورد البحث هو الإمامة والولایة.
