رأینا فی عملیة الإستدلال بالآیة أعلاه أنها تقوم على ثلاث دعائم : أحدها أن کلمة «إنّما» فی الآیة الشریفة تدلّ على الحصر وأنّها تحصر الولایة بثلاث موارد، وعلیه فإنّ

1 . طبعاً لاشک فی أن السؤال نافذة للعلم ومفتاح حلّ المشکلات والمجهولات، ولذا ورد الحث علیه فی القرآن الکریم بصورة مطلقة، حیث یقول تعالى فی الآیة 43 من سورة النحل، وکذلک فی الآیة 7 من سورة الأنبیاء : (فاسألوا أهل الذکر إن کنتم لا تعلمون)

هذه الآیة الشریفة مطلقة من کلّ جهة، فکلّ من لدیه سؤال یمکنه أن یسأل أهل العلم والخبرة، وقد ورد فی هذا المورد روایات عدیدة، ولکن المهم هو أن یکون السؤال بقصد التوصل إلى الحقیقة لا بدافع من العناد والتعصّب کما فی الکثیر من أسئلة علماء أهل السنّة حول آیة الولایة.

الولایة مورد البحث لا تثبت لغیرهم.

 ولکنّ بعض المفسّرین من أهل السنّة قالوا بأنّ «إنّما» فی الآیة لا تدلّ على الحصر لأن فی القرآن آیة اُخرى أیضاً وردت فیها کلمة «إنّما» ولیس لها دلالة على الحصر. وهی الآیة الشریفة 20 من سورة الحدید حیث یقول الله تعالى :

 (اِعْلَمُوا أَنَّما الْحَیاةُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزینَةٌ وَتَفاخُرٌ بَیْنَکُمْ وَتَکاثُرٌ فِی الاَْمْوالِ وَالاَْوْلادِ...).

 فهنا نرى أنّ کلمة «أنّما» فی الآیة أعلاه لا تدلّ على الحصر لأننا نعلم أن الحیاة الدنیا لا تنحصر فی هذه الموارد المذکورة فی الآیة الشریفة بل تشمل لذاّت اُخرى وعبادات ونشاطات وتحصیل علم وغیر ذلک من الاُمور، وعلیه فکما أنّ کلمة «أنّما» فی هذه الآیة لا تدلّ على الحصر فکذلک فی آیة الولایة لا تدلّ على الحصر، فالإستدلال بهذه الآیة على المطلوب ناقص.

 الجواب : هذا الإشکال من جملة الإشکالات الواهیة التی لا تقوم على أساس متین لأننا نعتقد بأنه :

 أوّلاً : إنّ کلمة «إنّما» فی هذه الآیة أیضاً وردت بمعنى الحصر، فالدنیا فی نظر الإنسان المؤمن والعارف لیست فی حقیقتها سوى اللهو واللعب وأمثال ذلک، وقد یتصور الإنسان المتورط فی حبائل الدنیا اُموراً اُخرى فی هذه الدنیا ولکن لو نظر بعین الحقیقة لرأى أنّ جمیع أشکال الحکومات والمقامات الدنیویة والقصور الفخمة وأمثالها من مظاهر الدنیا لیست سوى لهو ولعب حیث یلهو بها أبناء الدنیا.

 ثانیاً : وعلى فرض أنّ کلمة «إنما» هنا لم ترد فی معناها الحقیقی فهذا لا یدلّ على أنّ الموارد الاُخرى فی استعمال هذه الکلمة تحمل على غیر معناها الحقیقی.

 والنتیجة هی أنّ کلمة «إنّما» الواردة فی الآیة الشریفة تدلّ على الحصر بلا شکّ والإستدلال بهذه الآیة کامل.