«وَأَخَذُوا یَمِیناً وَشِمَالاً ظَعْناً فِی مَسَالِکِ الْغَیِّ، وَتَرْکاً لِمَذَاهِبِ الرُّشْدِ. فَلاَ تَسْتَعْجِلُوا مَا هُوَ کَائِنٌ مُرْصَدٌ، وَلاَ تَسْتَبْطِئُوا مَا یَجِیءُ بِهِ الْغَدُ. فَکَمْ مِنْ مُسْتَعْجِل بِمَا إِنْ أَدْرَکَهُ وَدَّ أَنَّهُ لَمْ یُدْرِکْهُ. وَمَا أَقْرَبَ الْیَوْمَ مِنْ تَبَاشِیرِ غَد! یَا قَوْمِ، هذَا إِبَّانُ وُرُودِ کُلِّ مَوْعُود، وَدُنُوٍّ مِنْ طَلْعَةِ مَا لاَ تَعْرِفُونَ. أَلاَ وَإِنَّ مَنْ أَدْرَکَهَا مِنَّا یَسْرِی فِیهَا بِسِرَاج مُنِیر، وَیَحْذُو فِیهَا عَلَى مِثَالِ الصَّالِحِینَ، لِیَحُلَّ فِیهَا رِبْقاً، وَیُعْتِقَ فِیهَا رِقّاً، وَیَصْدَعَ شَعْباً، وَیَشْعَبَ صَدْعاً، فِی سُتْرَة عَنِ النَّاسِ لاَ یُبْصِرُ الْقَائِفُ أَثَرَهُ وَلَوْ تَابَعَ نَظَرَهُ. ثُمَّ لَیُشْحَذَنَّ فِیهَا قَوْمٌ شَحْذَ الْقَیْنِ النَّصْلَ تُجْلَى بِالتَّنْزِیلِ أَبْصَارُهُمْ، وَیُرْمَى بِالتَّفْسِیرِ فِی مَسَامِعِهِمْ، وَیُغْبَقُونَ کَأْسَ الْحِکْمَةِ بَعْدَ الصَّبُوحِ!».