إلهی أمطرنا مطراً مبارکاً

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
القسم الثالثسل الله کل شیء

بعد أن مهد الإمام (علیه السلام) قلوب الناس ودعاهم إلى التوبة من الذنوب والإنابة إلى الله سبحانه فی هذه الخطبة التی خطبها بمناسبة صلاة الاستستقاء، إلتفت إلى الحق تبارک وتعالى فتوسل إلیه بعبارات وهو یسأله اللطف والرحمة، کما فرض عدّة مطالب من خلال خمس عبارات یستهلها بالقول اللّهم، فقد قال بادىء ذی بدء: «اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَیْکَ مِنْ تَحْتِ الاَْسْتَارِ وَالاَْکْنَانِ(1)، وَبَعْدَ عَجِیجِ الْبَهَائِمِ وَالْوِلْدَانِ، رَاغِبِینَ فِی رَحْمَتِکَ، وَرَاجِینَ فَضْلَ نِعْمَتِکَ، وَخَائِفِینَ مِنْ عَذَابِکَ وَنِقْمَتِکَ».

إشارة إلى أنّ خروجنا من المنازل وقدومنا إلى الصحراء من أجل أداء صلاة الاستسقاء دلیل على إسرافنا على أنفسنا، فان کنّا من عبادک الخاطئین فما ذنب هذه الماشیة والأطفال العطاشى، ولیس لنا من دافع فی هذا الخروج سوى طلب رحمتک وفضلک وکرمک وقد أقبلنا علیک وأتینا إلیک واستجرنا بک من عذابک وعقوبتک، وقد صرّحت الروایات الإسلامیة الواردة فی باب آداب صلاة الاستستقاء بحمل حتى الرضع من الأطفال والهیم العطاشى إلى الصحراء، بل وردت الوصیّة بتفریق الأطفال عن اُمهاتهم لترق القلوب لبکاء الأطفال ویزداد الإقبال على الله تبارک وتعالى(2).

ولا یخفى ما لهذا المنظر من عظیم الأثر فی إثارة عواطف الناس وحضور قلوبهم وجریان دموعهم والذی یؤدّی إلى استجابة الدعاء، إلى جانب کونه سبب المزید من لطف الله ورحمته.

ثم طرح طلبه الرئیسی فقال (علیه السلام): «اللَّهُمَّ فَاسْقِنَا غَیْثَکَ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِینَ، وَلاَ تُهْلِکْنَا بِالسِّنِینَ(3)، وَلاَ تُؤَاخِذْنَا (بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّ) یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ»، أی وإن فعل فریق من الجهّال ما یوجب قطع الفیض الإلهی عنهم، ولکن عاملنا بکرمک وفضلک ولا تعاملنا بعدلک، فلا طاقة لنا بعدلک ولیس لنا سوى عفوک ورحمتک، ولما کان شرط استجابة الدعاء فی إذعان الفرد بعجزه وأنّ الله على کل شیء قدیر فقد قال (علیه السلام): «اللَّهُمَّ إِنَّا خَرَجْنَا إِلَیْکَ نَشْکُو إِلَیْکَ مَا لاَ یَخْفَى عَلَیْکَ، حِینَ أَلْجَأَتْنَا الْمَضَایِقُ الْوَعْرَةُ(4)، وَأَجَاءَتْنَ(5) الْمَقَاحِطُ(6)الُْمجْدِبَةُ(7)، وَأَعْیَتْنَا الْمَطَالِبُ الْمُتَعَسِّرَةُ، وَتَلاَحَمَتْ(8) عَلَیْنَا الْفِتَنُ ]المحن [الْمُسْتَصْعِبَةُ».

فقد أشار الإمام (علیه السلام) بهذه العبارات إلى مسألة وهى إننا إن عددنا حاجاتنا ومشاکلنا الواحدة بعد الأخرى لا على أساس إنّک لا تعلمها، بل لأنّک تحبّ أن یطرح العباد مشاکلهم بألسنتهم ویقرون بعجزهم وسعة حاجاتهم، ثم أشار إلى أربع مشاکل تشترک مع بعضها من جهات وتشترک فی أخرى وهى: صعوبات الحیاة والجدب والقحط و الرغبات التی یتعذر نیلها فی الشرائط العادیة، وأخیراً الفتن الصعبة والمزعجة، وهى المشاکل التی لا یرجى حلّها إلاّ من الله تبارک وتعالى، ورد فی حدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: «إِنَّ اللهَ یَعْلَمُ حَاجَتَکَ وَما تُریدُ وَلَکِنَّهُ یُحِبُّ أَن تَبُثَّ إِلَیهِ الحَوائِجَ»(9).

ثم واصل الإمام (علیه السلام) کلامه فقال: «اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُکَ أَلاَّ تَرُدَّنَا خَائِبِینَ، وَلاَ تَقْلِبَنَا وَاجِمِینَ(10)، وَلاَ تُخَاطِبَنَا بِذُنُوبِنَا، وَلاَ تُقَایِسَنَا ]تناقشن[ بِأَعْمَالِنَا».

فلیس هنالک من سبیل للنجاة إن عاملتنا على أساس أعمالنا، فنسألک أن بحملنا على لطفک وکرمک وألاّ نرجع خائبین من بابک، والطبع فانّ هذه الأدعیة وإن اشتملت على الطلبات المؤکدة من الله تبارک وتعالى، فهى تنطوی على الدروس العمیقة المعنى للسامعین لیقضوا على آثار ذنوبهم وشناعة أعمالهم فیسارعوا لإصلاح أنفسهم، وتشتمل أغلب الأدعیة التی تردنا عن المعصومین (علیه السلام) على هذه الأمور التربویة.

وأخیراً طرح طلبه النهائی قائلاً: «اللَّهُمَّ انْشُرْ عَلَیْنَا غَیْثَکَ وَبَرَکَتَکَ، وَرِزْقَکَ وَرَحْمَتَکَ; وَاسْقِنَا سُقْیَا نَاقِعَةً ]نافعة[ مُرْوِیَةً مُعْشِبَةً(11)، تُنْبِتُ بِهَا مَا قَدْ فَاتَ، وَتُحْیِی بِهَا مَا قَد مَاتَ. نَافِعَةَ الْحَیَ(12)، کَثِیرَةَ الُْمجْتَنَى ، تُرْوِی بِهَا الْقِیعَانَ(13)، وَتُسِیلُ الْبُطْنَانَ، وَتَسْتَوْرِقُ الاَْشْجَارَ، وَتُرْخِصُ الاَْسْعَارَ; «إِنَّکَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِیرٌ»(14).


1. «الأکنان»: جمع «کن» على وزن «جن» بمعنى واسطة الحفظ والصون ومن هنا تطلق الأکنان على الغیران.
2. راجع الخطبة 155 بشأن آداب صلاة الاستستقاء.
3. «السنین»: جمع «سنة» وإن استعملت مع مفردة الهلکة أو الأخذ عنت الجدب والقحط.
4. «الوعرة»: بالتسکین کنایة عن صعوبة الحیاة.
5. «أجاءت»: من مادة «مجیىء» من باب إفعال بمعنى ألجأته.
6. «مقاحط»: جمع «مقحطة» من مادة «قحط» بمعنى سنین الجدب.
7. «مجدیة»: من مادة «جدب» على وزن جعل قلّة النعمة، وعلیه المجدبة تطلق على السنین التی یعانی فیها الناس من الشدّة فی أرزاقهم.
8. «تلاحمت»: من مادة «تلاحم» بمعنى الاتصال.
9. فی ظلال نهج البلاغة 2/319.
10. «واجم»: من مادة «وجم» على وزن نجم من اشتد حزنه حتى أمسک عن الکلام.
11. «معشبة»: من مادة «عشب» على وزن شرف نمو النبات.
12. «الحیا»: بمعنى المطر ووفرة النعمة.
13. «القیعان»: جمع «قاع وقاعة» الأرض السهلة الواسعة کما تطلق أحیاناً على الأرض التی تتجمع فیها المیاه.
14. والجدیر بالذکر قد نزلت الآن (حین کتابتی لهذه السطور فی العاشر من رمضان عام 1423 هـ) أمطار مفعمة بالبرکة والخیر بعد جفاف طویل، ویبدو أنّ هذا المطر ینطوی إن شاء الله تعالى على جمیع الصفات التی ذکرها الإمام (علیه السلام) فی هذه الخطبة.

 

القسم الثالثسل الله کل شیء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma