قیام صاحب الزنج

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
الفتنة المرعبة بالمرصادالقسم الثانی

ظهر فی البصرة عام 255 هـ ق على عهد الخلیفة العباسی المهتدی رجل زعم أنّه علی بن محمد ونسب نفسه إلى الإمام زین العابدین وزید بن علی(علیهما السلام) وقد دعى العبید للقیام ضد مالکیهم ولبّوا دعوته مسرعین بسبب صعوبة معیشتهم فی الدور والمزارع فی خدمة السلاطین فاجتمع له مائة نفر وألف نفر، وقد وعدهم بعتقهم وتسلیمهم أموال مالکیهم ومزارعهم، وکانت الطبقیة شدیدة فی ذلک الزمان، فالبعض مرفه فی القصور کما أشار إلى ذلک أمیر المؤمنین علی (علیه السلام) فی هذه الخطبة، والبعض الآخر یعیش الحیاة الصعبة، لذلک إلتحق به جماعة من غیر العبید أیضاً، فاجتمع له جیش عظیم، لقد أشعل فی قلوب العبید والمحرومین نار الإنتقام حتى أمر غلمانه بعد غلبته للأثریاء بأن یضرب کل رجل منهم خمسمائة شطبة وسبی نسائهم وکان یبیع کل واحدة منهن بدرهمین أو ثلاث وملکهن العبید.

قال المؤرخ المشهور المسعودی فی «مروج الذهب» أنّ صاحب الزنج قتل النساء والأطفال والشیخ الفانی والمریض وکان یحرق أموالهم وأدواتهم ویخرب بیوتهم، وقد قتل فی البصرة ثلاثمائة ألف، ومن فرّ إلى الصحراء ونجى من القتل کان یأکل الکلاب والقطط والفئران، وأحیاناً یأکلون الأموات، إستولى على قسم عظیم من العراق وإیران ودام حکمه مدّة تزید على أربع عشرة سنة (وهذا یدلّ على أنّ حرکته لم تکن عابرة بل کانت متجذرة فی أعماق ذلک المجتمع).

وقد أو شک صاحب الزنج أن یسقط الدولة العباسیة، فهب له أبو أحمد الملقب بالموفق وهو أخو الخلیفة العباسی فقاتله بجیش کبیر حتى تمکن من قتله فی شهر صفر عام 270 هـ وفرق جیشه بعد معرکة دمویة طویلة، لقد ألفت عدّة کتب بشأن قیام صاحب الزنج فهو لیس بالأمر الهیّن الذی یمکن المرور علیه بسهولة، وذلک لأنّ جمع جیش یقارب عدده ثمانمائة ألف أو ثلاثمائة ألف آنذاک لیست بالشیء البسط وکذلک تلک المدّة من الحکم والتی تعتبر طویلة نسبیاً، وکل ذلک یشیر إلى رسوخ ذلک القیام بفعل الاضطراب وغیاب العدل والذی ساد آنذاک، وإن قاد هذا القیام إلى الکثیر من المظالم والجنایات.

وهنا لابدّ من الإشارة إلى بعض الاُمور:

1 ـ شبّه بعض الکتّاب قیام صاحب الزنج بثورة العبید التی حدثت فی ایطالیا عام 73 قبل المیلاد بزعامة اسبارتکوس الذی جمع حول فئة عظیمة من العبید وقد قاتل الأثریاء والمرفهین وأحرز عدّة انتصارات حتى قتل عام 71 قبل المیلاد مع أربعین ألف من العبید، لکن یبدو أنّ هناک بوناً شاسعاً بین قیامه وقیام صاحب الزنج، فقیام صاحب الزنج کان أوسع وأشمل وقد تمکن من تشکیل الحکومة آخر الأمر والتی حکمت قسماً کبیراً من العراق وایران لمدّة أربع عشرة سنة، على کل حال فهو رجل دموی ومجرم رغم إمتلاکه للحجج التی تبدو منطقیة نسبیاً من أجل قیامه وثروته.

2 ـ کما ذکرنا سابقاً فانّ صاحب الزنج أسمى نفسه علی بن محمد ومن نسل الإمام  السجاد (علیه السلام)، وتلقب بالعلوی، إلاّ أنّ ذلک لا حقیقة له، ولم یکن هدفه سوى شرعیة حرکته والاستفادة من مکانة آل بیت رسول الله (صلى الله علیه وآله) وأمیرالمؤمنین (علیه السلام)، ولذلک ورد عن الإمام الحسن العسکری أنّ قال: «صـاحِبَ الزِّنجِ لَیسَ مِنّا أَهلَ البَیتِ»(1)، وکما أوردنا فانّ قیام صاحب الزنج کان أواخر عمر الإمام الحسن العسکری (علیه السلام) وتزامناً مع الولادة المبارکة لإمام العصر والزمان المهدی (علیه السلام).

3 ـ کان ظاهر قیام صاحب الزنج وفتنته الدفاع عن العبید والمحرومین، لکنّه انحرف عن هذا الهدف وتسبب فی دمار عظیم وسفک للدماء، حتى قال المسعودی فی «مروج الذهب»(2) أنّه قتل خمسمائة ألف من النساء والأطفال والشیوخ وهذا أقل عدد لقتلاه، وقال بعض المؤرخین أنّه دخل البصرة بعد عامین فأحرق مسجدها الجامع وکثیر من البیوت، وأحرق حتى المواشی وجرت الدماء فی أزقة البصرة(3).

4 ـ رغم کل نقاط الضعف فی صاحب الزنج فقد کانت فیه بعض الجوانب الإیجابیة ومنها خطه الجمیل وضلوعه بعلم النحو النجوم وقد نقلت عنه بعض الأشعار التی تدلّ على ذوقه الشعری ومن أشعاره:

لَهْفَ نَفسِی عَلَى قُصُور بِبغدا *** دَ وَمَا قَدْ حَوَتْهُ مُلُّ عاص

وَخُمُور هُناکَ تُشرَبُ جَهراً *** وَرِجَال عَلَى المَعـاصِی حِراص

لَستُ بِابِن الفَواطِمِ الغُرِّ إنْ لَم *** أَجُلِ الخَیلَ حَوْلَ تِلکَ العِراصِ

رَأَیتُ المُقـامَ عَلَى الإِقتِصادِ *** قَثُوعاً بِهِ ذِلَّةً فِی العِبادِ(4)

ومن الشعر المنسوب إلیه:

وَإِنّا لَتُصبِحُ أسیافَنا *** إذا مَا انْتَضَینَ لِیومِ سُفُوکِ

مَنَابِرُهُنَّ بُطُونُ الأَکُفِ *** وَأَغمَادهُنَّ رؤوسِ المُلُوکِ(5)

فهذان البیتان یکشفان بوضوح عن روحیته وأهدافه.


1. بحار الانوار 63/197.
2. مروج الذهب 4/120.
3. الکنى والألقاب 2/402.
4. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 8/128.
5. المصدر السابق.

 

الفتنة المرعبة بالمرصادالقسم الثانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma