الشهادة من القیم السامیة التی تضمنتها الثقافة الإسلامیة، والشهید یمثل قمة المرتبة الإنسانیة، وأولیاء الله کما أورد الإمام (علیه السلام) فی هذه الخطبة یفکرون دائماً بالشهادة ویأبون الموت طبیعیاً على الفراش، ویرون الشهادة أفضل ألف مرّة من میتة على فراش، وکانوا مستعدین لتلقی آلاف الضربات والفوز بالشهادة دون الموت على الفراش، وذلک لأنّ روح الإنسان أعظم هدیة إلهیّة، وما أروع أن تبذل هذه الهدیة فی سبیل الله سبحانه، لا أنّ تذهب هدراً فی الموت.
ویکفی فی فضل الشهادة ما ورد فی حیث النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) حین شاهد فرداً یدعو الله تعالى قائلاً: «اللّهُمّ إِنِّی أسألُکَ خَیرَ مـا تُسأَلُ فَاعطِنِی أَفَضلَ مـا تُعطِی».
فقال (صلى الله علیه وآله) : «إنْ اُستُجِیبَ لَکَ اُهرِیقَ دَمُکَ فِی سَبِیلِ اللهِ»(1).
کما ورد فی حدیث آخر عنه (صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «مـا مِنْ أَحَد یَدخُلُ الجَنَّةَ فَیَتَمنّى أَنْ یَخْرُجَ مَنهـا إِلاّ الشَّهِیدُ فَإنَّهُ یَتَمنّى أَنْ یَرجَعَ فَیُقتَلَ عَشْرَ مَرّلت مِمّا یَرى مِنْ کَرامَةَ اللهِ»(2).
نعم، مقام الشهداء رفیع جدّاً فی التعالیم الإسلامیة، وهم الذین حفظوا الإسلام حین الخطر، ولولا تضحیات الشهداء کشهداء بدر واُحد وشهداء کربلاء لما بقی من الإسلام الیوم شیئاً سوى اسمه، ویعیش أعداء الإسلام الیوم حالة من الرعب إزاء الشهادة وفلسفتها فی الإسلام، وذلک لأنّ الشهید قد یبدد فی لحظات مخططات الأعداء وبرامجهم التی تستوعب تکالیفاً باهضة.
أضف إلى ذلک فهم لا یمتلکون أی سلاح یمکنهم من مواجهة هذا السلاح، سمع أخیراً أنّ الدوائر الصیهوینة وإثر عجزها عن مواجهة انتفاضة الشعب الفلسطینی، قد أکدت على ضرورة إجتثاث جذور ثقافة التفکیر بالشهادة، لابدّ من اسقاط مفردة الشهادة من کتاب الدراسة المتوسطة والثانویة، کما لابدّ من إزالة الآیات القرآنیة المتعلقة بالشهادة من الکتب الدینیة، ومن المؤکد أنّ البلدان الإسلامیة العمیلة وما أکثرهم قد ساروا على هذا النهج، وقد اصطلحوا على الشهادة بالإنتحار والشهید بالإرهابی لتشویه هذه المفردة الطیبة، لکن ولحسن الحظ فانّ هذه الثقافة قد إتسعت وترسخت بحیث لا یسع هذه الدعایات الوقوف بوجهها، حتى سارع إلیها العدید من الشباب والشابات، وهذا ما یشکل أعطم خطر على أعداء الإسلام، نأمل أن یتعرف المسلمون أکثر فأکثر على هذه القیمة السامیة التی تدعو إلى الفخر والاعتزاز.
1. مستدرک الوسائل 11/13، ح21.
2. المصدر السابق، ح2.
