«أَکُلُّکُمْ شَهِدَ مَعَنَا صِفِّینَ؟ فَقَالُوا: مِنَّا مَنْ شَهِدَ وَمِنَّا مَنْ لَمْ یَشْهَدْ. قَالَ: فَامْتَازُوا فِرْقَتَیْنِ، فَلْیَکُنْ مَنْ شَهِدَ صِفِّینَ فِرْقَةً، وَمَنْ لَمْ یَشْهَدْهَا فِرْقَةً، حَتَّى أُکَلِّمَ کُلاًّ مِنْکُمْ بِکَلاَمِهِ. وَنَادَى النَّاسَ، فَقَالَ:
أَمْسِکُوا عَنِ الْکَلاَمِ، وَأَنْصِتُوا لِقَوْلِی، وَأَقْبِلُوا بأَفْئِدَتِکُمْ إِلَیَّ، فَمَنْ نَشَدْنَاهُ شَهَادَةً فَلْیَقُلْ بِعِلْمِهِ فِیهَا.
ثُمَّ کَلَّمَهُمْ(علیه السلام) بِکَلاَم طَوِیل، مِنْ جُمْلَتِهِ أنْ قَالَ(علیه السلام):
أَلَمْ تَقُولُوا عِنْدَ رَفْعِهِمُ الْمَصَاحِفَ حِیلَةً وَغِیلَةً، وَمَکْراً وَخَدِیعَةً: إِخْوَانُنَا وَأَهْلُ دَعْوَتِنَا، اسْتَقَالُونَا وَاسْتَرَاحُوا إِلَى کِتَابِ اللّهِ سُبْحَانَهُ، فَالرَّأْیُ الْقَبُولُ مِنْهُمْ وَالتَّنْفِیسُ عَنْهُمْ؟ فَقُلْتُ لَکُمْ: هذَاأَمْرٌ ظَاهِرُهُ إِیمَانٌ، وَبَاطِنُهُ عُدْوَانٌ، وَأَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَآخِرُهُ نَدَامَةٌ. فَأَقِیمُوا عَلَى شَأْنِکُمْ، وَالْزَمُوا طَرِیقَتَکُمْ، وَعَضُّوا عَلَى الْجِهَادِ بِنَوَاجِذِکُمْ، وَلاَ تَلْتَفِتُوا إِلَى نَاعِق نَعَقَ: إِنْ أُجِیبَ أَضَلَّ، وَإِن تُرِکَ ذَلَّ. وَقَدْ کَانَتْ هذِهِ الفَعْلَةُ، وَقَدْ رَأَیْتُکُمْ أَعْطَیْتُمُوهَا. وَاللّهِ لَئِنْ أَبَیْتُهَا مَا وَجَبَتْ عَلَیَّ فَرِیضَتُهَا، وَلاَ حَمَّلَنِیَ اللّهُ ذَنْبَهَا. وَوَاللّهِ إِنْ جِئْتُهَا إِنِّی لَلْمُحِقُّ الَّذِی یُتَّبَعُ; وَإِنَّ الْکِتَابَ لَمَعِی، مَا فَارَقْتُهُ مُذْ صَحِبْتُهُ:»