فلسفة الإمتحان الإلهی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
القسم الأولالقسم الثانی

یعتقد جمع من شرّاح نهج البلاغة أنّ دافع الإمام (علیه السلام) من هذه الخطبة بیان الرد القاطع على المغرضین الذین ینکرون فضائل الإمام (علیه السلام)، والطبع فانّ جانباً من الخطبة قد عالج هذا الأمر، وإن إشتملت سائر الأقسام على إبعاد کلیة.

وعلى کل حال فقد أشار الإمام (علیه السلام) فی المقطع الأول من هذه الخطبة إلى أمرین: هما فلسفة بعثة الأنبیاء وفلسفة الامتحان الإلهی، فقال (علیه السلام): «بَعَثَ اللّهُ رُسُلَهُ بِمَا خَصَّهُمْ بِهِ مِنْ وَحْیِهِ، وَجَعَلَهُمْ حُجَّةً لَهُ عَلَى خَلْقِهِ، لِئَلاَّ تَجِبَ الْحُجَّةُ لَهُمْ بِتَرْکِ الاِْعْذَارِ(1) إِلَیْهِمْ، فَدَعَاهُمْ بِلِسَانِ الصِّدْقِ إِلَى سَبِیلِ الْحَقِّ».

فهذه العبارة تشیر إلى نقطة مهمّة وردت کراراً فی الآیات القرآنیة وهى عدم مؤاخذة الله سبحانه العباد دون بعث الرسل وإبلاغهم أوامره ونواهیه سبحانه عن طریق الوحی، فقد جاء فی الآیة 15 و16 من سورة الاسراء: (وَمَا کُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا * وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِکَ قَرْیَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِیهَا فَفَسَقُوا فِیهَا فَحَقَّ عَلَیْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِیر)، هنا یطرح هذا السؤال وهو عدم انسجام ما ورد فی هذه الخطبة والآیات القرآنیة الواردة بهذا الشأن ومبدأ استقلال حکم القتل، فالحجة تتم على الإنسان من خلال العقل الذی یحکم بحسن وقبح الأشیاء (کإدراکه لحسن العدل وقبح الظلم) وعلیه فهو یستحق العقاب أو الثواب حتى دون بعث الأنبیاء والرسل، ونقول فی الإجابة عن هذا السؤال صحیح أنّ هناک استحقاقاً للثواب والعقاب وإرادة الحق تبارک وتعالى ومن باب اللطف بالعباد واقتضت عدم مؤاخذة العباد وعقابهم ما لم توید المستقلات العقلیة بواجبات الشرع ومحرماته التی تعین عن طریق الوحی.

ومن هنا تتضح عدم الحاجة للإجابة التی ذکرها بعض شرّاح نهج البلاغة حیث صرّحوا بأنّ هذه الآیة فی حکم العموم الذی یخصص فی المستقلات العقلیة.

وبعبارة أخرى: إنّ الله تعالى لا یعاقب شخصاً دون بعث الأنبیاء ونزول الوحی سوى فی المستقلات العقلیة من قبیل قبح الظلم والجور والسرقة وقتل النفس، ثم خاض الإمام (علیه السلام) فی مطلب آخر فی إطار مواصلة لکلامه والذی یتمثل بفلسفة الإمتحان الإلهی فقال: «أَلاَ إِنَّ اللّهَ تَعَالَى قَدْ کَشَفَ الْخَلْقَ کَشْفَةً; لاَ أَنَّهُ جَهِلَ مَا أَخْفَوْهُ مِنْ مَصُونِ أَسْرَارِهِمْ وَمَکْنُونِ ضَمَائِرِهِمْ; وَلکِنْ «لِیَبْلُوَهُمْ أَیُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» فَیَکُونَ الثَّوَابُ جَزَاءً، وَالْعِقَابُ بَوَاءً(2)».

فقد کشف الإمام (علیه السلام) بهذه العبارة اللثام عن مسألة مهمّة حیث لا معنى لمفهوم الامتحان بالنسبة لله بالشکل الذی تعارف على العباد، فالهدف من اختبار العباد لرفع الجهل والإبهام، لمعرفة الأشیاء و التعرف على الأشخاص، ولیس لمثل هذه الأمور من مفهوم لمن کان الغیب والشهادة والظاهر والباطن عنده سواء، بل هدف البلاء الإلهی هو أن یظهر الإنسان ما یبطنه لتتحقق مسألة استحقاق الثواب والعقاب.

وبعبارة أوضح: لا یمکن إثابة الفرد أو معاقبته على ما یضمره من نیّات حسنة أو سیئة، بل یترتب الثواب والعقاب على ما یصدر منه من أعمال وأفعال تفرزها النیّات، وهذا ما بیّنه الإمام (علیه السلام) فی إحدى قصار کلمات فی تفسیر للآیة القرآنیة: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُکُمْ وَأَوْلاَدُکُمْ فِتْنَةٌ...)(3)، معنى أن یختبرهم بالأموال والأولاد... «وَإِنْ کَانَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلکِنْ لِتَظْهَرَ الاَْفْعَالُ الَّتی بِهَا یُسْتَحَقُّ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ»(4).

فلم یرد فی الفقه ولا فی دستور أی بلد التصریح بعقاب شخص بسبب نیّة القتل أو السرقة، وکما لا یثاب بسبب نیّته الحسنة فی الخدمة، وإن شمل مثل هؤلاء الأفراد بنوع من التکریم تفضلاً بسبب تلک النیّات وقد تظافرت الروایات التی صرّحت بجزاء الخیر تفضلاً منه سبحانه کونه أرحم الجمیع، لکنّه لایعاقب على نیّة الشرّ کما ورد فی الحدیث: «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَة فَلَمْ یَعْمَلها کُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً... وَمَنْ هَمَّ بِسَیِّئَة لَم تُکتَبْ عَلَیهِ»(5).


1. «الاعذار»: مصدر باب إفعال من مادة «عذر» بمعنى إتمام الحجة.
2. «بواء»: تعنی فی الأصل العودة والنزول ثم أطلقت على العقوبة المستمرة والمتواصلة وهذا هو المعنى المراد بها فی الخطبة.
3. سورة الانفال / 28.
4. نهج البلاغة، قصار الکلمات 93.
5. وسائل الشیعة 1/36، من أبواب مقدمة العبادات، الباب 6، ح6.

 

القسم الأولالقسم الثانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma