إخوتی فی الجهاد

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
القسم الثانیالقسم الثالث

ذکر الإمام (علیه السلام) فی هذا المقطع من الخطبة أصحابه الشجعان من أهل الإیمان بهدف إثارة قدراتهم وقواهم وحثّهم على الجهاد، کما ذمّهم على ضعفهم وتقصیرهم، أصحابه الذین تألقوا فی ساحات الحرب حین قتالهم للأعداء وکذلک فی میدان الطاعة والعبودیة حیث کانوا سبّاقین فی هذه المیادین فقد قال: «أَیْنَ الْقَوْمُ الَّذِینَ دُعُوا إِلَى الاِْسْلاَمِ فَقَبِلُوهُ، وَقَرَءُوا الْقُرْآنَ فَأَحْکَمُوهُ، وَهِیجُو(1) إِلَى الْجِهَادِ فَوَلِهُو(2) وَلَهَ اللِّقَاحِ(3) إِلَى أَوْلاَدِهَا، وَسَلَبُوا السُّیُوفَ أَغْمَادَهَ(4)، وَأَخَذُوا بِأَطْرَافِ الاَْرْضِ زَحْفاً زَحْف(5)، وَصَفَّاً صَفّاً. بَعْضٌ هَلَکَ، وَبَعْضٌ نَجَا».

دقیقة هى الأوصاف التی أوردها الإمام (علیه السلام) فی هذه العبارة لهم، فقد إبتدأها بالإیمان بالإسلام والفهم والإدراک الصحیح للقرآن والعمل به والذی الدافع الرئیسی للحرکة نحو الجهاد، ومن ثم عشقهم للجهاد الذی یشبه بعشق الاُم لولدها وولهها إلیه، ویثنی على شجاعتهم حیث لم یفکروا قط فی إغماد سیوفهم والتراجع عن الجهاد، وأخیراً مدح مدى حرکتهم الجماعیة ـ والذین کانوا یحضرون فی المیدان فی أی موضع کانوا ـ والحق من یتحلى بهذه الصفات، فهو منتصر على الدوام.

ثم واصل الکلام بالحدیث عن سائر صفاتهم حیث یکشف النقاب عن علوّ معنویاتهم ومدى زهدهم وخضوعهم وخشوعهم لله تبارک وتعالى فقال: «لاَ یُبَشَّرُونَ بِالاَْحْیَاءِ، وَلاَ یُعَزَّوْنَ عَنِ الْمَوْتَى».

وهذه علامة علو روحیتهم حیث لم یکونوا بفکر قیود الحیاة المادیة، بحیث ینزعجون لفقد الأحبة أو یهنى أحدهم الآخر على البقاء على قید الحیاة، إنّهم یفخرون بالشهادة فی سبیل الله سبحانه ویرونها حلمهم فی نیل السعادة الاُخرویة، ومن صفاتهم أیضاً: «مُرْهُ(6) الْعُیُونِ مِنَ الْبُکَاءِ، خُمْصُ(7) الْبُطُونِ مِنَ الصِّیَامِ، ذُبُلُ(8) الشِّفَاهِ مِنَ الدُّعَاءِ، صُفْرُ(9) الاَْلْوَانِ مِنَ السَّهَرِ(10). عَلَى وُجُوهِهِمْ غَبَرَةُ الْخَاشِعِینَ».

نعم، فهم فی ساحات المعارک یزأرون کالأسد، وإن جن علیهم اللیل ارتفعت أصواتهم بالنحیب والبکاء وجرت دموعهم على خدهم، هکذا هم فی الحالین.

ثم خلص الإمام (علیه السلام) بعد ذلک إلى الدرس والعبرة التی ینبغی الاحتذاء بها فقال: «أُولئِکَ إِخْوَانِی الذَّاهِبُونَ. فَحَقَّ لَنَا أَنْ نَظْمَأَ إِلَیْهِمْ، وَنَعَضَّ الاَْیْدِیَ عَلَى فِرَاقِهِمْ».

لقد جرت عادة أرباب التربیة على الاستشهاد بالنماذج البارزة القیّمة من أجل تهذیب الأفراد المطلوب تربیتهم لیتمکنوا من مقارنة أنفسهم بتلک النماذج فیحذو حذوهم، یقفون على أخطائهم فیهمون بتدارکها وإصلاح أنفسهم، وهذا هو الاُسلوب الذی إعتمده الإمام (علیه السلام)فی إطار تربیته للأفراد، ولکن وللأسف لم یکن اُولئک الأفراد آنذاک مستعدین لتقبل نصائحه ووصایاه وبرامجه التربویة، وبالطبع لا فائدة لأی مربّ ومعلم مهما کان بصیراً ومشفقاً ونموذجاً ما لم یکن هناک من إستعداد فی الطرف المقابل لتقبل أفکاره والاستجابة لها، فالأمطار المفعمة بالحیاة والخیر والبرکة تنزل على کل مکان، ولکن لا تخرج الأرض المالحة إلاّ الخبث ولا یسعها الاستفادة من تلک الأمطار، والشمس هى الأخرى تضیىء لکل ذی عینین، ولکن ماذا یسع الأعمى أن یرى منها، والریاح المنعشة تهب فی کل مکان ولکن لا تنتفع بها قبور الموتى.

 


1. «هیجوا»: فعل مجهول من مادة «هیجان» وتعنی هنا أنّهم کانوا یندفعون إلى الجهاد.
2. «ولهوا»: من مادة «وَلَهَ» على وزن فرح شدّة الشوق أوالحزن.
3. «لقاح»: من مادة «لقوح» الناقة.
4. «اغماد»: جمع «غمد» على وزن هند موضع السیف.
5. «زحف»: تعنی فی الأصل المشی مع الثقل.
6. «مره»: أمره من مضت عینه أو وجعت.
7. «خمص»: جمع «أخمص» ضامر البطن.
8. «ذبل»: جمع «ذابل» الجفاف والتیبس.
9. «صفر»: جمع «أصفر» شاحب اللون.
10. «سهر»: البقاء واعیاً فی اللیل.

 

القسم الثانیالقسم الثالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma