شر الناس

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات الولایة (شرحٌ عصرىٌّ جامعٌ لنهج البلاغة) / الجزء الخامس
القسم الثانی1 ـ الحذر من الإفراط والتفریط

أوضح الإمام (علیه السلام) جهراً فی ما مضى من کلام الخطبة بطلان عقیدة الخوارج فی تکفیر المسلمین، وقد حدّثهم بمنتهى المرونة حسبما یقتضیه البحث المنطقی، أمّا فی هذا القسم (القسم الثانی) فقد عنّفهم فی الکلام لیحدّ من غرورهم ویعرضهم بمکانتهم بین المسلمین على أنّهم شر الناس وأغراض الشیطان الذی أضلهم وأوردهم الحیرة، وأفضل شاهد على ذلک أفکارهم الشیطانیة وأعمالهم العدوانیة ضد البشریة: «ثُمَّ أَنْتُمْ شِرَارُ النَّاسِ، وَمَنْ رَمَى بِهِ الشَّیْطَانُ مَرَامِیَهُ، وَضَرَبَ بِهِ تِیهَهُ!».

حقّاً لیس هناک من فئة فی أوساط المسلمین شر من الخوارج، فهم مصداق الآیة الشریفة: (اسْتَحْوَذَ عَلَیْهِمْ الشَّیْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِکْرَ اللهِ أُوْلَئِکَ حِزْبُ الشَّیْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّیْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ)(1).

وهم مصداق واضح للآیة: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُکُمْ بِالاَْخْسَرِینَ أَعْمَالا * الَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی الْحَیَاةِ الدُّنْیَا وَهُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْع)(2).

ثم أشار الإمام (علیه السلام) إلى نقطة أخرى وهى أنّ الأفراط والتفریط شیمة الأفراد الجهال، فمنهم من ألّهنی ومنهم من کفّرنی، فقال (علیه السلام): «وَسَیَهْلِکُ فِیَّ صِنْفَانِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ یَذْهَبُ بِهِ الْحُبُّ إِلَى غَیْرِ الْحَقِّ، وَمُبْغِضٌ مُفْرِطٌ یَذْهَبُ بِهِ الْبُغْضُ إِلَى غَیْرِ الْحَقِّ».

فإن دفعکم جهلکم وجنایتکم لأن تعتبروننی کافراً، فانّ هناک من ذهب إلى عکس ذلک ـ وبدافع الجهل أیضاً ـ لیقولوا بالوهیتی، والفئتان ضالتان، والطریف فی الأمر إنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله)أخبر الإمام (علیه السلام) منذ سنوات بهذا الإفراط والتفریط تجاهه، فقد روى ابن عبدالمالکی فی کتاب «الاستیعاب» أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) خاطب علیاً (علیه السلام) بالقول: «لا یُحِبُّک إلاّ مُؤمِن ولا یُبغِضُک إلاّ مُنافِق... وَیَهْلَکُ فِیکَ رَجُلانِ مُحِبٌّ مُفرِطٌ وَکَذَّابٌ مُفْتَر.. وَتَفْتَرِقُ فِیکَ أَُمَّتِی کَمَا افتَرَقَتْ بَنو إِسرائیلَ فِی عِیسى»(3). (الحدیث إشارة إلى أنّ طائفة من بنی اسرائیل آمنت واعتقدت بالوهیته وطائفة لم تؤمن ورأته ابن الله والعیاذ باللله).

وروى المرحوم السید محسن الأمین فی «أعیان الشیعة» عن «مسند أحمد» و«صحیح الترمذی» و«الاستیعاب» لابن عبدالبر و«مستدرک الحاکم» أنّ المعروف بین الصحابة بغض علی (علیه السلام) علامة النفاق والذی یمییزه عن المؤمن الصادق.

ثم أضاف والثابت تاریخیاً أنّ معاویة کان یسب علیاً (علیه السلام) ویدعو الناس إلى سبّه (وعلیه فمعاویة کان من المنافقین)(4).

على کل حال فالجهّال دائماً على الإفراط والتفریط، الغلو أو العداوة.

ثم واصل الإمام (علیه السلام) کلامه وبالتأکید على حفظ الاعتدال فقال: «وَخَیْرُ النَّاسِ فِیَّ حَالاً الَّنمَطُ الاَْوْسَطُ فَالْزَمُوهُ».

فقد ورد عنه (علیه السلام) أنّه قال: «أَلا إِنّ خَیرَ شِیعَتِی الَّنمطُ(5) الأوسطُ إِلِیهِم یَرجَعُ الغـالِی وَبِهِم یَلحَقُ التّالِی»(6).

ثم أصدر أمراً مهما کانت مخالفته السبب فی سقوط الخوارج فی وادی الضلال فقال: «وَالْزَمُوا السَّوَادَ(7) الاَْعْظَمَ فَإِنَّ یَدَ اللّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ». کما بالغ فی هذا التأکید لیقول: «وَإِیَّاکُمْ وَالْفُرْقَةَ! فَإِنَّ الشَّاذَّ(8) مِنَ النَّاسِ لِلشَّیْطَانِ، کَمَا أَنَّ الشَّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئْبِ».

فالجماعة المؤمنة غالباً من تنطلق فی مسار الحق، فان ضلت طائفة منهم ذکّرتها طائفة أخرى وانقذتها من وادی الضلال، أمّا الأفراد الشاذّون والفئات الصغیرة والمعزولة عن المجتمع الإسلامی فهى عرضة لأنواع الأخطاء والانحرافات والشیطان غالباً من ما یشدد من وساوسه بینهم فهم لقمة سائغة للشیطان على غرار الشاذة من الغنم، فتکون لقمة سائغة للذئب، ثم أورد فی وصیّته فی الخصوص تقضی بقتل کل من رفع شعار لا حکم إلاّ لله ودعى إلیه الناس وإن لاذ بالإمام (علیه السلام) واختفى تحت عمامته: «أَلاَ مَنْ دَعَا إِلَى هذَا الشِّعَارِ فَاقْتُلُوهُ، وَلَوْ کَانَ تَحْتَ عِمَامَتِی هذِهِ».

وهکذا أصدر حکمه النهائی بشأن هذه الفئة الفاسدة والمفسدة والقاسیة المتعطشة للدماء والذی لا یشکلون سوى الخطر الجدّی على الإسلام والمسلمین، أمّا ما هو مراد الإمام (علیه السلام) من مفردة «الشعار» التی وردت فی العبارة المذکورة فقد اختلفت فیه أقوال شرّاح نهج البلاغة فقیل: المراد بالشعار التفرقة، قیل یعنی شعار الخوارج، وکان شعارهم أنّهم یحلقون وسط رؤوسهم ویبقى الشعر مستدیراً حوله کالإکلیل(9)، وقیل هو الشعار الذی یعدّ شعار الخوارج أینما حلّوا وقد إرتکبوا بواسطته ما لا یحصى من الفتن والمفاسد وأشعلوا بالنیران المجتمع الإسلامی، والواقع قد مهدوا بهذا الشعار أسباب الفرقة، والقتال وسفک الدماء والفساد فی الأرض، ومن هنا فقد حکم بالإعدام على حملة هذا الشعار.

کما وردت عدّة تفاسیر للعبارة: «لَوْ کَانَ تَحْتَ عِمَامَتِی هذِهِ»، أنسبها ما ذکرناه سابقاً، وهو وإن اعتصم هؤلاء الأفراد الفاسدین بی ولاذوا بداری وکانوا تحت ثیابی.


1. سورة المجادلة /19.
2. سورة الکهف / 103 ـ 104.
3. الاستیعاب 3/36.
4. شرح نهج البلاغة لمغنیة 2/247، کما وردت فی کتاب الغدیر عدّة روایات من المصادر المعتبرة للعامّة بخصوص معرفة المؤمن یحبّ علی (علیه السلام) والمنافق ببغضه (الغدیر 3/183).
5. «النمط»: هو الطائفة من الناس التی لها هدف واحد، کما تستعمل هذه المفردة أحیاناً بمعنى الاُسلوب والطریق.
6. بحار الانوار 6/178.
7. «السواد»: تعنی فی الأصل اللون الأسود، ولما کانت الجماعة الکثیرة والأشجار المتشابکة والکثیرة تبدو سواء من بعید فقد وردت هذه المفردة بهذین المعنیین، وقد جاءت فی هذه الخطبة بمعنى الجماعة.
8. «شاذ»: من مادة «شذوذ» بمعنى القلّة والندرة ویطلق الشاذ على من یتخلف عن الجماعة وینفرد لوحده.
9. شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید 8/123.

 

القسم الثانی1 ـ الحذر من الإفراط والتفریط
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma